العربية
العتبة العلوية المقدسة تتوشح بمظاهر الحزن ومعالم السواد احياءً لذكرى استشهاد الامام أبو جعفر الباقر (عليه السلام)
الاخبار

العتبة العلوية المقدسة تتوشح بمظاهر الحزن ومعالم السواد احياءً لذكرى استشهاد الامام أبو جعفر الباقر (عليه السلام)

منذ ٨ سنين - ٢٠ سبتمبر ٢٠١٥ ٢٨٨٢
مشاركة
مشاركة

اتشحت أرجاء الصحن الحيدري الشريف بمعالم الحزن والسواد إحياءً لذكرى استشهاد الامام محمد الباقر ( عليه السلام).
وأصدرت شعبة التبليغ الدينية التابعة الى قسم الشؤون الدينية في العتبة العلوية المقدسة منشورا خاصا يشرح تفاصيل حياة الامام الباقر عليه السلام ومعاجزه وآثاره وعلمه وجزء من سيرته العطرة، فيما بدأت هيئة المواكب الحسينية التابعة للعتبة العلوية المقدسة باقامة مجلس العزاء الخاصة بالذكرى في رحاب الصحن الحيدري الشريف.

العتبة العلوية المقدسة تتوشح بمظاهر الحزن ومعالم السواد احياءً لذكرى استشهاد الامام أبو جعفر الباقر (عليه السلام)
ملء الشاشة

عبق من سيرته العطرة  :

عاش الإمام الباقر (عليه‌السلام) خلال الحقبة الأموية التي تميزت بالعنف والقمع ، وانتشار مظاهر الجور والظلم والفساد ، فقد امتدّت حياته عليه‌السلام من سنة ٥٧ إلى سنة ١١٤ هـ ، فأدرك جده الحسين عليه‌السلام نحو أربعة أعوام ، وهي الفترة الممتدة من غرّة رجب سنة ٥٧ إلى المحرم سنة ٦١ هـ حيث شهادة جده الحسين عليه‌السلام ، فكانت بدايات نشأته مع واقعة الطف الأليمة ، التي شهد كل فصولها ، وما جرى فيها من مشاهد القتل والترويع والسبي والأسر بشكل لم تعرفه الجريمة البشرية من قبل.

روي عن الإمام الباقر عليه‌السلام أنه قال : «قتل جدي الحسين عليه‌السلام ولي أربع سنين ، واني لأذكر مقتله ، وما نالنا في ذلك الوقت»  

وعاش أبو جعفر الباقر عليه‌السلام في ظلّ إمامة أبيه علي زين العابدين عليه‌السلام من سنة ٦١ إلى ٩٥ هـ ، أي نحو أربع وثلاثين سنة وأشهر ، وقام بأعباء الإمامة مقام أبيه وهو ابن ثمان وثلاثين سنة ، من سنة ٩٥ هـ إلى شهادته في سابع ذي الحجّة سنة ١١٤ هـ ، أي نحو تسع عشرة سنة .

كنيته :

أبو جعفر ولا كنية له غيرها ، وهي مشتركة بينه وبين الإمام محمد الجواد عليه‌السلام ، ويقال في التخصيص بالباقر أبو جعفر الأول ، وللجواد أبو جعفر الثاني .

معنى الباقر :

أشهر الألقاب التي عرف بها هي الباقر ، وهو مشتقّ من التبقّر ، والتبقّر لغة : يعني التوسّع والتفتّح ، ومنه يقال : بقر الأرض : شقّها ووسّعها ، وأجمع المترجمون له من لغويين ومؤرّخين ومحدّثين أنّه عليه‌السلام عرف بالباقر لأنّه بقر العلم ، أي شقّه وعرف أصله واستنبط فرعه ، وعلم خفيّه وتمكّن فيه.

وقال بعضهم : عرف بالباقر لتبقّره في العلم ، أي توسّعه فيه ، وتبحّره في دقائقه ، أو لأنّه بقر علوم النبيين .

بشارة الرسول صلى‌الله‌عليه‌ وآله بالباقر عليه‌السلام :

روي بطرق عدّة أنّ النبي المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله قد بشّر جابر بن عبد اللّه الأنصاري بأنّه يدرك زمان الباقر عليه‌السلام ، وسمّاه له ولقّبه ، وذكر بأنّه يبقر العلم بقراً ، وأنّ اللّه يهب له النور والحكمة ، وأبلغه سلامه.

روى الطبري عن أبان بن تغلب ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «جاءني جابر ابن عبد اللّه وأنا في الكتّاب ، فقال لي : اكشف لي عن بطنك ، فكشفت له عن بطني فقبله ، ثم قال : إن رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله أمرني أن أقرئك السلام» .

وروى جابر عن رسول اللّه صلى‌الله‌عليه ‌وآله ، قال : «يا جابر ، يوشك أن تبقى حتى تلقى ولداً من ولدي ، يقال له محمد بن علي بن الحسين ، يبقر العلم بقراً ، فإذا رأيته فاقرأه مني السلام. قال جابر رضي‌الله‌عنه : فأخّر اللّه تعالى مدّتي حتّى رأيت الباقر ، فأقرأته السلام عن جدّه رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ».

وروى المديني عن جابر ، أنّه قال للباقر عليه‌السلام وهو صغير : رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله يسلّم عليك ، فقيل له : وكيف ذاك؟ قال : كنت جالساً عنده والحسين في حجره ، وهو يداعبه ، فقال : «يا جابر ، يولد له مولود اسمه علي ، إذا كان يوم القيامة نادى مناد : ليقم سيد العابدين ، فيقوم ولده ، ثم يولد له ولد اسمه محمد ، فإن أدركته يا جابر ، فأقرئه منّي السلام».

الحكام المعاصرون له (عليه‌السلام ):

أدرك الإمام الباقر عليه‌السلام قبل إمامته أواخر أيام معاوية بن أبي سفيان الذي عهد إلى ابنه الطاغية يزيد ٦٠ ـ ٦٤ هـ ، فجعل الخلافة ملكا يتوارثه آل سفيان وآل مروان ، وعهد يزيد إلى ابنه معاوية بن يزيد الذي خلع نفسه فلم يمارس الحكم ، وتوفّي بعد فترة وجيزة من البيعة له ، ومن ثم مروان بن الحكم ٦٤ ـ ٦٥ هـ ، وعبد الملك بن مروان ٦٥ ـ ٨٦ هـ ، والوليد بن عبد الملك ٨٦ ـ ٩٦ هـ.

وأدرك خلال فترة إمامته عليه‌السلام نحو سنة واحدة من أيام الوليد بن عبد الملك ، وأيام سليمان بن عبد الملك ٩٦ ـ ٩٩ هـ ، وعمر بن عبد العزيز بن مروان ٩٩ ـ ١٠١ هـ ، ويزيد بن عبد الملك ١٠١ ـ ١٠٥ هـ ، وهشام بن عبد الملك ١٠٥ ـ ١٢٥ هـ ، وقضى مسموماً بعد مضي نحو تسع سنين من أيام هشام .

وكان عهد هشام بن عبد الملك حافلاً بالتعسّف والصدام المعلن مع الإمام الباقر عليه‌السلام ، فقد أمر بإشخاصه مع ولده الصادق (عليهما‌السلام) إلى الشام ، ولما ورد حجبه ثلاثة أيام  ، وتآمر مع أصحابه ومن كان بحضرته من بني أُميّة للنيل منه وتوبيخه ، فلما دخل عليه أبو جعفر عليه‌السلام قال بيده السلام عليكم ، فعمّهم جميعاً بالسلام ثم جلس ، فازداد هشام عليه حنقاً بتركه السلام عليه بالخلافة وجلوسه بغير إذن ، فأقبل يوبّخه ، ويقول فيما يقول له : يا محمد بن علي ، لا يزال الرجل منكم قد شقّ عصا المسلمين ، ودعا إلى نفسه ، وزعم أنه الإمام سفهاً وقلّة علم ، فلما سكت القوم نهض عليه‌السلام قائماً ، ثم قال : «أيها الناس ، أين تذهبون ، وأين يُراد بكم؟! بنا هدى اللّه أولكم ، وبنا يختم آخركم ، فإن يكن لكم ملك معجّل ، فإن لنا ملكاً مؤجلاً ، وليس بعد ملكنا ملك ، لأنا أهل العاقبة ، يقول اللّه عزّوجلّ : «وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ». فأمر به إلى الحبس». وأخيراً تكشّفت سريرة هشام بدسّ السمّ إلى الإمام عليه‌السلام والقضاء على حياته، حيث انتقل الإمام الباقر عليه‌السلام إلى رضوان بارئه بالحميمة من الشراة ، ثم نقل إلى بقيع المدينة يوم الاثنين ، السابع من ذي الحجّة ، في ملك هشام بن عبد الملك ، سنة ١١٤ هـ ، وعمره يومئذٍ سبع وخمسون سنة ، وهو المشهور عند غالبية المؤرّخين والمحدّثين ، والموافق لما قرّر في المشهور من تاريخ ولادته وما قدّر من عمره. ودفن في بقيع الغرقد بالمدينة ، في القبر الذي فيه أبوه علي بن الحسين عليهما‌السلام ، وعمّ أبيه الحسن عليه‌السلام ، في القبّة التي فيها قبر العباس بن عبد المطلب رضوان الله عليه.

فسلام  عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا .