العربية
الأمانة العامة للعتبة العلوية المقدسة تفتتح فعاليات مهرجان الغدير السنوي في رحاب صحن فاطمة (عليها السلام)
الاخبار

الأمانة العامة للعتبة العلوية المقدسة تفتتح فعاليات مهرجان الغدير السنوي في رحاب صحن فاطمة (عليها السلام)

منذ ٧ سنين - ٢٤ سبتمبر ٢٠١٦ ٢٢٢٩
مشاركة
مشاركة

افتتحت الأمانة العامة للعتبة العلوية المقدسة مراسم فعاليات مهرجان الغدير السنوي في رحاب صحن فاطمة (عليها السلام) وذلك ضمن مراسم فرح وسرور حضرها أمناء العتبات المقدسة العلوية والحسينية والعباسية والكاظمية المقدسة، ورئيس ديوان المزارات الشريفة، وممثلين عن ديواني الوقفين الشيعي والسني، ومحافظ النجف الأشرف ووزيري التعليم العالي والبحث العلمي والعدل، والوكيل الأقدم لوزارة الثقافة ورئيس هيأة المواكب الحسينية، وعدد من مسؤولي الدوائر الرسمية والمجتمعية ونخبة من شيوخ ووجهاء العشائر العراقية.

الأمانة العامة للعتبة العلوية المقدسة تفتتح فعاليات مهرجان الغدير السنوي في رحاب صحن فاطمة (عليها السلام)
ملء الشاشة

وبدأت مراسم الاحتفال بقراءة آي من الذكر الحكيم تلاها على أسماع الحاضرين مقرئ العتبة العلوية المقدسة الشيخ جاسم النجفي، بعد ذلك قرأ ضيوف الافتتاح سورة المباركة الفاتحة على أرواح شهداء الحشد الشعبي والقوات الأمنية والجيش.

ثم كانت كلمة الأمين العام للعتبة المقدسة للعلوية المقدسة سماحة السيد نزار هاشم حبل المتين والتي جاء في نصها :"  بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي اصطفى من خلقه محمد(صلى الله عليه وآله)، وأرسله بالحق بشيراً ونذيراً لقومٍ يؤمنون، ثمّ أكملَ دينهُ وأتمّ نعمته بولاية أمير المؤمنين علي(عليه السلام)، والصلاة والسلام عليهما وعلى آلهما الأئمة الهداة الطاهرين الميامين.

أيها الأخوة الأعزاء الحضور، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... سلامٌ من بقعة السلام ودار السلام، من ذكوات العصمة والحكمة والرحمة ... سلامٌ عليكم وانتم في رحاب باب مدينة علم رسول الله(صلى الله عليه وآله)، ومعدن العلم والحلم والجود والكرم والفصاحة والسماحة، نغترف جميعا من نمير غدير الحبّ والسلام، نروي به ظمأ نفوسنا وعطش أرواحنا، لتبتل بها عروق مشاعرنا في يوم هو يوم الولاية، وعيد هو عيد الله الأكبر، اليوم الذي اقترن بأمير النحل علي(عليه السلام).

باسم الأمانة العامة للعتبة العلوية المقدسة نرحّب بالسادة الحضور الكرام، مع حفظ جميع الألقاب والمقامات، الذين قدموا أهلا ووطئوا سهلا.

قال الله تعالى في كتابه الكريم(وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) صدق الله العظيم.

أيها الأحبة الكرام، نستذكر اليوم موقف النبيّ الأعظم(صلى الله عليه وآله) في عودته من حجة الوداع حينما نزلت عليه هذه الآية الشريفة، حيث أوقف النبيّ(صلى الله عليه وآله) مئة ألف من المسلمين أو يزيدون كانوا قد حجّوا معه حجة الوداع ذلك العام، حتى بلغوا منطقة تدعي:(غدير خم)، حيث مفترق طرقهم إلى موطنهم، نادى مناديه أن يردّ المتقدّم وينتظر المتأخر حتى يلحق، ثم قام فيهم خطيبا وهو آخذٌ بيد سيدنا ومولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام)، فقال:("ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟" قالوا: بلى! قال:"من كنت مولاه فعليٌّ مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه")، دلائل الإمامة للطبري الإمامي:18.

وقد جعل الله تبارك وتعالى هذا اليوم عيدا؛ لما فيه من الفضل والكرامة، حتى قال فيه أمير المؤمنين وسيّد الوصيين صلوات الله عليه:(إن هذا يوم عظيم الشأن، فيه وقع الفرج، ورفع الدرج، وصحت الحجج، وهو يوم الإيضاح والإفصاح عن المقام الصراح، ويوم كمال الدين، ويوم العهد المعهود، ويوم الشاهد والمشهود، ويوم تبيان العقود عن النفاق والجحود، ويوم البيان عن حقايق الإيمان، ويوم دحر الشيطان، ويوم البرهان، هذا يوم الفصل الذي كنتم توعدون، هذا اليوم الملأ الأعلى الذي أنتم عنه معرضون، هذا يوم للإرشاد ...) مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب:2/243.

ولعل سؤالا يستثير العقل هنا: ماهو السرّ الذي جعل من هذا اليوم يوماً مباركاً كهذا؟ ولم صار له كلّ هذا الفضل؟ ولماذا صار لهذا الحدث من الأهمية بمكان جعل النبي(صلى الله عليه وآله) يهتمّ به إلى هذه الدرجة ويوليه هذه الأهمية؟ ولماذا أكد عليه أئمتنا المعصومين(عليهم السلام)، بل واهتم به جميع من بعثه الله تعالى واتخذه عيدا وعرف حرمته؟

وفي معرض الإجابة يمكن أن يقال: لم يكن هذا اليوم المبارك هو مجرد حدث عابر، ولم يكن ليكتسب كل هذا الفضل والأهمية لولا ان لهذا الحدث أبعادا واسعة باتساع التاريخ، ويكفي في ذلك ان الله تعالى عبّر عنه بإكمال وتمام النعمة!

إخوتي الأحبة، ان النبي(صلى الله عليه وآله) في ذلك اليوم المشهود قدّم للمسلمين-بل والبشرية كافة- انموذجا إلهيا كاملا، ليأخذ بهم إلى جادة الهدى والرشاد، ويجنبهم الوقوع في الغواية والضلال، ويسلك بهم المحجة البيضاء، وكان به(عليه السلام) تمام الدين، إذ لا يمكن ان يكون الدين كاملا من دون وصيّ وحجة لله تبارك وتعالى يقوم مقام النبي(صلى الله عليه وآله)، فيدلهم على الصواب في الوقائع الحادثة، ويرشدهم إلى كل ما يحتاجونه من أمور دينهم ودنياهم.

وقد كان أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه هو ذلك الوصيّ، وهو ذلك الصراط المستقيم الذي ينجو كل من تمسك به، وهو العروة الوثقى التي لا انفصام لها.

وهو صلوات الله وسلامه عليه يحدثنا قائلا:"إن رسول الله(صلى الله عليه وآله) أمرني في حياته على جميع أمته، وأخذ على جميع من حضره منهم البيعة والسمع والطاعة لأمري، وأمرهم ان يبلغ الشاهد الغائب ذلك، فكنت المؤدي إليهم عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) أمره إذا حضرته، والأمير على من حضرني منهم إذا فارقته، لا تختلج في نفسي منازعة أحد من الخلق لي في شيء من الأمر في حياة النبي(صلى الله عليه وآله) ولا بعد وفاته".

حتى ان بعض الصحابة كان يقول: إن بايعوا أصلع بني هاشم(يقصد عليّ بن أبي طالب"عليه السلام") حملهم على المحجة البيضاء، وأقامهم على كتاب ربهم وسنّة نبيهم.

فكانت تلك سمة أمير المؤمنين وسيد الموحدين، يسهد بها صحابة رسول الله(صلى الله عليه وآله) والمسلمون.

وكان كذلك بالفعل مولانا صلوات الله عليه، فما إن آلت الخلافة الظاهرية والحكومة إليه حتى ضرب أروع المثل العليا في العدل، ومثل سيرة رسول الله(صلى الله عليه وآله) أروع تمثيل، وبسط البر والخير على جميع الرعية، فكانت حكومته(عليه السلام) -على رغم قصر مدتها وكثرة الصعاب ووقوع الحروب فيها- حكومة عجزت جميع الأنظمة أن تلد نظيرتها.

لقد كانت حكومة أمير المؤمنين(عليه السلام) الحاكم المعصوم، الذي لا يغلبه الهوى ولا يقوده الجشع إلى شيء من حطام الدنيا التي طلّقها ثلاثاً، وهو القائل(عليه السلام):"هيهات ان يغلبني هواي ويقودني جشعي إلى تخيّر الأطعمة، ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص ولا عهد له بالشبع، أو أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى وأكباد حرّى".

وفي تعبيره(عليه السلام) بـ(لعل) إشارة إلى انعدام ذلك أو شبه انعدامه، فلا فقر في حكومة الإمام، ولا بطالة، ولا نقصاً في الأموال والثمرات.

وكان أمير المؤمنين(عليه السلام) يجسد الإنسانية بأروع صورها، فلم تكن تلك الخيرات ينعم بها أصحابه وشيعته والمقربون منه وحاشيته فقط، بل كانت تعمّ كل إنسام يعيش في ظل تلك الحكومة المثالية.. ويكفي في ذلك ما يحدثنا التاريخ به من ان أمير المؤمنين(عليه السلام) مرّ بشيخ مكفوف كبير يسأل(أي: يستجدي ويطلب من الناس)، فقال(عليه السلام):"ماهذا؟"، قالوا: يا أمير المؤمنين، نصراني! فقال أمير المؤمنين(عليه السلام):"لقد استعملتموه، حتى إذا كبرَ وعجز منعتموه؟َ انفقوا عليه من بيت المال!"

فأي صورة للإنسانية أروع من هذه الصورة الناصعة؟ واي مواطنة أبلغ من هذه المواطنة التي يضمن بها المواطن حقه مهما كان دينه وانتماؤه؟ وهل هناك مثال أفضل من هذا ليحتذى به في حقوق الإنسان وحرية المعتقد وقبول الآخر؟

أجل، لقد كان أمير المؤمنين عليّ(عليه السلام) التجسيد الحقيقيّ والتطبيق العمليّ للقرآن وللحقّ، بل كان هو القرآن الناطق بين الناس ، وكان هو مع القرآن والقرآن معه ، وكان هو مع الحق والحق معه، يدور معه حيثما دار.

إذن ، فاحتفالنا واحتفاونا بهذا اليوم الميمون هو احتفاءٌ بجميع هذه القيم، أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بتمسكنا بولاية أمير المؤمنين(عليه السلام) هو أمرٌ بالتمسك بكل هذه المُثُل العُليا.

وكل هذا - أيها الأعزة – يدعونا للفخر والاعتزاز بوليّنا وإمامنا، ويحثنا على السير وفق نهجه القويم وصراطه المستقيم ، وأن نحذو حذوه قدر ما نستطيع ، ومن الله التوفيق.

هذا وصلى الله على سيدنا ونبينا الأعظم محمد وآله الطيبين الطاهرين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بعدها قدم الأمين العام لمؤسسة المواكب الحسينية في النجف الأشرف السيد زكي جريو هدية مؤسسته إلى العتبة العلوية المقدسة ، ثم ارتقى المنصة سماحة العلامة السيد سامي البدري بكلمة عقائدية استعرض فيها مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام) ودوره في إعلاء كلمة الحق وإرساء دعائم الدين الإسلامي كونه صنو للرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) ووصياً له على أمته من بعده كما بلّغ النبي الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله ).

بعدها اعتلى المنصة الشاعر حيدر رزاق شمران الكعبي لينشد قصيدته في حب أمير المؤمنين (عليه السلام) وانتصارات الحشد الشعبي والجيش القوى الأمنية البطلة .

بعدها كان الدور لفرقة إنشاد العتبة العلوية المقدسة التي تغنت بيوم الغدير الأغر وبصاحب الذكرى (صلوات الله وسلامه عليه).