[5] ومن كلام له (عليه السلام) لـمّا قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)
وخاطبه العباس وأبوسفيان بن حرب في أن يبايعاه بالخلافة([1]):
أَيُّها النَّاسُ، شُقُّوا أَمْوَاجَ الفِتَنِ بِسُفُنِ النَّجَاةِ، وَعَرِّجُوا عَنْ طَرِيقِ الـمُنَافَرَةِ، وَضَعُوا تِيجَانَ الـمُفَاخَرَةِ. أَفْلَحَ مَنْ نَهَضَ بِجَنَاحٍ، أوِ اسْتَسْلَمَ فَأَراحَ. مَاءٌ آجِنٌ، وَلُقْمَةٌ يَغَصُّ بِهَا آكِلُهَا، وَمُجْتَنِي الثَّمَرَةِ لِغَيْرِ وَقْتِ إِينَاعِهَا كالزَّارعِ بِغَيْرِ أَرْضِهِ.
فَإِنْ أقُلْ يَقُولُوا: حَرَصَ عَلَى الـمُلْكِ، وَإنْ أَسْكُتْ يَقُولُوا: جَزِعَ مِنَ الْـمَوْتِ، هَيْهَاتَ بَعْدَ اللَّتَيَّا وَالَّتِي! وَاللهِ لَابْنُ أَبي طَالِبٍ آنَسُ بِالمَوْتِ مِنَ الطِّفْلِ بِثَدْي أُمِّهِ، بَلِ انْدَمَجْتُ عَلَى مَكْنُونِ عِلْمٍ لَوْ بُحْتُ بِهِ لاَضْطَرَبْتُمُ اضْطِرَابَ الأرْشِيَةِ([2]) في الطَّوِيِّ البَعِيدَةِ([3])!
[1] ـ رواه سبط ابن الجوزي (ت654) في تذكرة الخواص: 137 بسنده عن مجاهد عن عكرمة عن ابن عباس، علماً بأنّه ذكر في الباب السادس من كتابه هذا انّه لا ينقل من كلام أميرالمؤمنين (عليه السلام) الاّ ما اتّصل إليه اسناده. ورواه بغير سند الحلواني (ق5) في نزهة الناظر: 56، وأورد الطبرسي (ت560) في الاحتجاج 1 :128 بعض جمله وألفاظه في رسالة أميرالمؤمنين (عليه السلام) إلى أبي بكر بعد منع فدك. واستشهد كلّ من ابن الأثير (ت606) في النهاية 2: 132، وكذلك ابن منظور (ت711) في لسان العرب 2 :275، والزبيدي (ت1205) في تاج العروس 2: 45 بقوله (عليه السلام): «بل اندمجت على مكنون علم ... في الطوي البعيدة» ممّا يدلّل على شهرتها آنذاك.
[2] ـ الأرشية: جمع الرشاء، حبل يُستقى به من البئر.
[3] ـ الطويّ البعيدة: البئر العميقة.