[54] ومن كتاب كتبه (عليه السلام)
إلى طلحة والزبير، مع عمران بن الحصين الخزاعي
وقد ذكره أبو جعفر الإسكافي في كتاب المقامات([1]):
أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ عَلِمْتُما، وَإِنْ كَتَمْتُما، أَنِّي لَمْ أُرِدِ النَّاسَ حَتَّى أَرَادُونِي، وَلَمْ أُبَايِعْهُمْ حَتَّى بَايَعُونِي، وَإِنَّكُمَا مِمَّنْ أَرَادَنِي وَبَايَعَنِي، وَإِنَّ العَامَّةَ لَمْ تُبَايِعْنِي لِسُلْطَانٍ غَاصِبٍ، وَلا لِعَرَضٍ حَاضِرٍ، فَإِنْ كُنْتُما بَايَعْتُمانِي طَائِعَيْنِ، فَارْجِعَا وَتُوبَا إِلَى اللهِ مِنْ قَرِيبٍ، وَإِنْ كُنْتُما بَايَعْتُمانِي كَارِهَيْنِ ، فَقَدْ جَعَلْتُما لِي عَلَيْكُمَا السَّبِيلَ بِإِظْهَارِكُمَا الطَّاعَةَ ، وَإِسْرَارِكُمَا الْـمَعْصِيَةَ، وَلَعَمْرِي مَا كُنْتُما بِأَحَقِّ الْـمُهَاجِرِينَ بِالتَّقِيَّةِ وَالْكِتْمَـانِ؛ وَإِنَّ دَفْعَكُمَا هذَا الأَمْرَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَدْخُلاَ فِيهِ ، كَانَ أَوْسَعَ عَلَيْكُمَا مِنْ خُرُوجِكُمَا مِنْهُ ، بَعْدَ إِقْرَارِكُمَا بِهِ.
وَقَدْ زَعَمْتُما أَنِّي قَتَلْتُ عُثْمانَ، فَبَيْنِي وَبَيْنَكُمَا مَنْ تَخَلَّفَ عَنِّي وَعَنْكُمَا مِنْ أَهْلِ الْـمَدِينَةِ، ثُمَّ يُلْزَمُ كُلُّ امْرِىءٍ بِقَدْرِ مَا احْتَمَلَ. فَارْجِعَا أَيُّهَا الشَّيْخَانِ عَنْ رَأْيِكُمَا، فَإِنَّ الآنَ أَعْظَمَ أَمْرِكُمَا الْعَارُ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يَجْتَمِعَ الْعَارُ وَالنَّارُ، وَالسَّلَامُ.
[1] ـ لم نعثر على كتاب المقامات لأبي جعفر الاسكافي، ولكن رواه أيضاً ابن قتيبة (ت 276) في الإمامة والسياسة 1: 66، وابن أعثم الكوفي (ت 314) في الفتوح 2: 465.