[55] ومن كتاب له (عليه السلام) إلى معاوية([1])
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ الدُّنْيَا لِـمَا بَعْدَهَا، وَابْتَلَى فِيهَا أَهْلَهَا، لِيَعْلَمَ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً، وَلَسْنَا لِلدُّنْيَا خُلِقْنَا، وَلا بِالسَّعْيِ فِيهَا أُمِرْنَا، وَإِنَّمَا وُضِعْنَا فِيهَا لِنُبْتَلَى بِهَا، وَقَدِ ابْتَلاَنِي بِكَ وَابْتَلاَكَ بِي، فَجَعَلَ أَحَدَنَا حُجَّةً عَلَى الآخَرِ، فَعَدَوْتَ([2]) عَلَى طَلَبِ الدُّنْيَا بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ، فَطَلَبْتَنِي بِمَا لَمْ تَجْنِ يَدِي وَلا لِسَانِي، وَعَصَيْتَهُ أَنْتَ وأَهْلُ الشَّامِ بِي، وَأَلَّبَ عَالِـمُكُمْ جَاهِلَكُمْ، وَقَائِمُكُمْ قَاعِدَكُمْ.
فَاتَّقِ اللهَ فِي نَفْسِكَ، وَنَازِعِ الشَّيْطَانَ قِيَادَكَ([3])، وَاصْرِفْ إِلَى الآخِرَةِ وَجْهَكَ، فَهِيَ طَرِيقُنَا وَطَرِيقُكَ.
وَاحْذَرْ أَنْ يُصِيبَكَ اللهُ مِنْهُ بِعَاجِلِ قَارِعَةٍ([4]) تَمَسُّ الأَصْلَ([5])، وَتَقْطَعُ الدَّابِرَ، فَإِنِّي أُولِي لَكَ بِاللهِ أَلِيَّةً([6]) غَيْرَ فَاجِرَةٍ، لَئِنْ جَمَعَتْنِي وَإِيَّاكَ جَوَامِعُ الأَقْدَارِ لا أَزَالُ بِبَاحَتِكَ([7]) حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْـحَاكِمِينَ.