[59] ومن كتاب له (عليه السلام)
إلى الأسود بن قُطْبَةَ صاحب جند حُلوان
أَمَّا بَعْدُ، فإِنَّ الْوَالِيَ إِذَا اخْتَلَفَ هَوَاهُ([1]) مَنَعَهُ ذلِكَ كَثِيراً مِنَ الْعَدْلِ، فَلْيَكُنْ أَمْرُ النَّاسِ عِنْدَكَ فِي الْـحَقِّ سَوَاءً، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الْـجَوْرِ عِوَضٌ مِنَ الْعَدْلِ، فَاجْتَنِبْ مَا تُنْكِرُ أَمْثَالَهُ، وَابْتَذِلْ نَفْسَكَ فِيَما افْتَرَضَ اللهُ عَلَيْكَ، رَاجِياً ثوَابَهُ، وَمُتَخَوِّفاً عِقَابَهُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الدُّنْيَا دَارُ بَلِيَّةٍ لَمْ يَفْرُغْ صَاحِبُهَا قَطُّ فِيهَا سَاعَةً إِلَّا كَانَتْ فَرْغَتُهُ عَلَيْهِ حَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَنَّهُ لَنْ يُغْنِيَكَ عَنِ الْـحَقِّ شَيْءٌ أَبَداً، وَمِنَ الْـحَقِّ عَلَيْكَ حِفْظُ نَفْسِكَ، وَالإِحْتسَابُ عَلَى الرَّعِيَّةِ([2]) بِجُهْدِكَ، فَإِنَّ الَّذِي يَصِلُ إِلَيْكَ مِنْ ذلِكَ أَفْضَلُ مِنَ الَّذِي يَصِلُ بِكَ، وَالسَّلاَمُ.