[39] ومن خطبة له (عليه السلام) ([1])
[خطبها عند علمه بغزوة النعمان بن بشير صاحب معاوية لعين التمر]
مُنِيتُ([2]) بِمَنْ لا يُطِيعُ إِذَا أَمَرْتُ، وَلا يُجِيبُ إِذَا دَعَوْتُ، لا أَبَا لَكُمْ! مَا تَنْتَظِرُونَ بِنَصْرِكُمْ رَبَّكُمْ! أَمَا دِينٌ يَجْمَعُكُمْ، وَلا حَمِيَّةَ تُحْمِشُكُمْ([3])! أَقُومُ فِيكُمْ مُسْتَصْرِخاً، وَأُنادِيكُمْ مُتَغَوِّثاً، فَلاَ تَسْمَعُونَ لي قَوْلاً، وَلا تُطِيعُون لِي أَمْراً، حَتَّى تَكْشِفَ الاُْمُورُ عَنْ عَوَاقِبِ الْـمَساءَةِ، فَمَا يُدْرَكُ بِكُمْ ثَارٌ، وَلا يُبْلَغُ بِكُمْ مَرَامٌ، دَعَوْتُكُمْ إِلَى نَصْرِ إِخْوَانِكُمْ فَجَرْجَرْتُمْ([4]) جَرْجَرَةَ الْـجَمَلِ الأَسَرِّ([5])، وَتَثَاقَلْتُمْ تَثَاقُلَ الْنِّضْوِ الأدْبَرِ([6])، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيَّ مِنْكُمْ جُنَيْدٌ مُتَذَائِبٌ ضَعِيفٌ؛ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْـمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ.
قوله (عليه السلام): «مُتَذَائِبٌ» أي: مُضْطرِب، من قولهم: تَذَاءَبَتِ الرِّيحُ أي: اضْطَرَب هبوبُها، ومنه سُمِّي الذِّئبُ، لِاضْطِراب مِشيته.
[1] ـ رواها بزيادة ونقصان كلّ من الزبير بن بكار (ت 256) في الموفقيات ـ كما ذكره المحمودي في نهج السعادة 2: 476 ـ والبلاذري (ت 279) في أنساب الأشراف 3: 172، والثقفي (ت 283) في الغارات 1: 297، والطبري (ت: 310) في تاريخه 4: 82، وابن عساكر (ت 571) في تاريخ دمشق 34: 432 قال: «أخبرنا أبو غالب أحمد وأبو عبدالله يحيى ابنا أبي عليّ ، قالا: أنا أبو جعفر بن المسلمة، أنا أبو طاهر المخلص، نا أحمد بن سليمان، نا الزبير بن بكار، حدّثني محمّد بن الضحاك، عن أبيه»، واستشهد ابن الأثير (ت 606) في النهاية 2: 151، وابن منظور (ت 711) في لسان العرب 1: 378 بقوله (عليه السلام): «خرج منكم إليّ جنيد ضعيف متذائب».
[2] ـ منيت: ابتليت.
[3] ـ تحمشكم: أي تغضبكم.
[4] ـ الجرجرة: صوت يُردّده البعير في حنجرته، وأكثر ما يكون ذلك عند الإعياء والتعب.
[5] ـ الأسر: البعير الذي يشتكي سرّته.
[6] ـ النضو: البعير المهزول، والأدبر: الذي به دبر، وهي القروح في ظهره.