[57] ومن كلامه (عليه السلام) كلّم به الخوارج([1])
أَصَابَكُمْ حَاصِبٌ([2])، وَلا بَقِيَ مِنْكُمْ آبِرٌ، أَبَعْدَ إِيمَاني بِاللهِ وَجِهَادِي مَعَ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) أَشْهَدُ عَلَى نَفْسِي بِالْكُفْرِ! لَقَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَمَا أَنَا مِنَ الْـمُهْتَدِينَ! فَأُوبُوا شَرَّ مَآبٍ، وَارْجِعُوا عَلَى أَثَرِ الأعْقَابِ([3])، أَمَا إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي ذُلّا ً شَامِلاً، وَسَيْفاً قَاطِعاً، وَأَثَرَةً([4]) يَتَّخِذُهَا الظَّالِمونَ فِيكُمْ سُنَّةً.
قوله (عليه السلام): «وَلا بَقِيَ مِنْكُمْ آبرٌ» يُروى على ثلاثة أوجه: أحدها أن يكون كما ذكرناه بالراء، من قولهم: رجلٌ آبِرٌ؛ للذي يأبِرُ النخل، أي: يُصْلِحَهُ. ويروى: «آثِرٌ»، يُراد به : الذي يأثِرَ الحديثَ ، أي: يحكيه ويرويه ، وهو أصحُّ الوجوه عندي، كأنّه (عليه السلام)قال: لا بقي منكم مُخبِرَ! ويروى: «آبِزٌ» ـ بالزاي معجمة ـ وهو: الواثبُ، والهالك أيضاً يقال له: آبِزٌ.
[1] ـ روى صدر الخبر ـ أي إلى قوله: من المهتدين ـ باختلاف: الزبير بن بكّار (ت 256) في الموفقيات ـ كما في نهج السعادة 2: 269 ـ وابن قتيبة (ت276) في الإمامة والسياسة 1: 168، والبلاذري (ت 279) في أنساب الأشراف 3: 107، والدينوري (ت 282) في الأخبار الطوال: 208، والطبري (ت 310) في تاريخه 4: 63، واستشهد ابن الأثير (ت 606) في النهاية 1: 18، وابن منظور (ت 711) في لسان العرب 4: 3 بقوله (عليه السلام): «أصابكم حاصب ولا بقي منكم آبر». وروى ذيله باختلاف أيضاً: الإسكافي (ت 220) في المعيار والموازنة: 186، وابن قتيبة (ت 276) في الإمامة والسياسة 1: 171، والبلاذري (ت 279) في أنساب الأشراف 3: 1081، والثقفي (ت 283) في الغارات 2: 492، واليعقوبي (ت284) في تاريخه 2: 193، والقاضي النعمان (ت 363) في دعائم الإسلام 1: 391، والطبري الإمامي (ق 4) في المسترشد : 672.
[2] ـ الحاصب: الريح الشديدة التي تثير الحصباء.
[3] ـ العقب: مؤخر القدم، والمراد منه هنا: انعكاس حالهم وعودهم من العزّ إلى الذل ومن الهداية إلى الضلال.
[4] ـ الاثرة: الاستبداد، والمراد هنا: الاستبداد بالفيء والمغنم واطراح جانبهم.