[70] ومن كلام له (عليه السلام) في ذم أَهل العراق([1])
أَمَّا بَعْدُ يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ، فَإِنَّمَا أَنْتُمْ كَالمرْأَةِ الْـحَامِلِ، حَمَلَتْ فَلَمَّا أَتَمَّتْ أَمْلَصَتْ([2])، وَمَاتَ قَيِّمُهَا، وَطَالَ تَأَيُّمُهَا([3])، وَوَرِثَهَا أَبْعَدُهَا. أَمَا وَاللهِ مَا أَتَيْتُكُمُ اخْتِيَاراً، وَلكِنْ جِئْتُ إِلَيْكُمْ سَوْقاً، وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تَقُولُونَ: [عَليٌّ] يَكْذِبُ، قَاتَلَكُمُ اللهُ! فَعَلَى مَنْ أَكْذِبُ، أَعَلَى اللهِ؟ فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ! أَمْ عَلَى نَبِيِّهِ؟ فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَهُ، كَلاَّ وَاللهِ، ولكِنَّهَا لَـهْجَةٌ غِبْتُمْ عَنْهَا، وَلَمْ تَكُونُوا مِنْ أَهْلِهَا، وَيْلُ امِّهِ، كَيْلاً بِغَيْرِ ثَمَنٍ! لَوْ كَانَ لَهُ وِعَاءٌ، وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ!
[1] ـ رواه الشيخ المفيد (ت 413) في الإرشاد 1: 278 باختلاف وزيادات. واستشهد بقوله (عليه السلام): «فلمّا أتمّت أملصت ومات قيّمها» ابن الأثير (ت 606) في النهاية 4: 356، واستشهد أيضاً بقوله (عليه السلام): «وَيْلمّه كيلاً بغير ثمن لو كان له وعاء» ابن قتيبة (ت 276) في غريب الحديث 1: 354، والزمخشري (ت 538) في الفائق 3: 384، وابن الأثير (ت 606) في النهاية 5: 236، وقال الزمخشري في توضيحه: «أصله وي لامّه وهو تعجب، يريد أنّه يكيل العلوم الجمة، وهو لا يأخذ ثمناً بذلك الكيل إلاّ أنّه لا يصادف واعياً للعلم وحاملاً له بحقّ». وعلّق ابن أبي الحديد في شرحه 6: 128 على هذا المقطع من كلام الأمير (عليه السلام) قائلاً: «وكان كثيراً ما يخبر عن الملاحم والكائنات ويومىء إلى اُمور أخبره بها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)، فيقول المنافقون من أصحابه: يكذب، كما كان المنافقون الأولون في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يقولون عنه يكذب، ... وإذا تأمّلت أحواله في خلافته كلّها وجدتها هي مختصرة من أحوال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) في حياته، كأنّها نسخة منتسخة منها في حربه وسلمه وسيرته وأخلاقه، وكثرة شكايته من المنافقين من أصحابه والمخالفين لأمره، وإذا أردت أن تعلم ذلك علماً واضحاً فاقرأ سورة براءة، ففيها الجمّ الغفير من المعنى الذي أشرنا إليه».
[2] ـ أملصت الحامل: ألقت ولدها سقطاً.
[3] ـ تأيمها: خلوّها عن الأزواج.