[81] ومن كلام له (عليه السلام) في صفة الدنيا([1])
مَا أَصِفُ مِنْ دَارٍ أَوَّلُـهَا عَنَاءٌ وَآخِرُهَا فَنَاءٌ فِي حَلاَلِـهَا حِسَابٌ، وَفِي حَرَامِهَا عِقَابٌ. مَنِ اسْتَغْنَى فِيهَا فُتِنَ، وَمَنِ افْتَقَرَ فِيهَا حَزِنَ، وَمَنْ سَاعَاهَا([2])فَاتَتْهُ، وَمَنْ قَعَدَ عَنْهَا وَاتَتْهُ([3])، وَمَنْ أَبْصَرَ بِهَا بَصَّرَتْهُ، وَمَنْ أَبْصَرَ إلَيْهَا أَعْمَتْهُ.
وإذا تأمل المتأمّل قوله (عليه السلام): «وَمَنْ أبْصَرَ بِهَا بصّرَتْهُ» وجد تحته من المعنى العجيب، والغرض البعيد، ما لا تُبلَغ غايتُه ولا يدرك غَوره، لا سيما إذا قُرن إليه قوله: «ومَن أبْصَرَ إليها أعْمَتْهُ»، فإنّه يجد الفرق بين «أبصر بها» و«أبصر إليها» واضحاً نيراً عجيباً باهراً.
[1] ـ رواه المبرّد (ت285) في الكامل:131 إلى قوله: «من افتقر فيها حزن»، ورواه ابن دريد الأزدي (ت321) في المجتنى: 40، وابن عبد ربّه (ت 328) في العقد الفريد 3: 166 صفة الدنيا إلى قوله: «ومن افتقر فيها حزن»، وروى نحوه المسعودي (ت 346) في مروج الذهب 2: 433، ورواه أيضاً أبو عليّ القالي (ت 356) في الأمالي 2: 120، وابن شعبة (ق 4) في تحف العقول: 201، والحلواني (ق 5) في نزهة الناظر، ومحمّد بن الفتّال النيسابوري (ت 508) في روضة الواعظين: 445، واستشهد ابن الأثير (ت 606) في النهاية 2: 370 بقوله (عليه السلام): «ومن ساعاها فاتته».
[2] ـ ساعاها: أي سابقها، وهي مفاعلة من السعي، كأنّها تسعى ذاهبة عنه، وهو يسعى جداً في طلبها، فكلّ منهما يطلب الغلبة في السعي.
[3] ـ واتته: وافقته وطاوعته.