[93] ومن خطبة له (عليه السلام) ([1])
[وفيها يصف الله تعالى ثمّ يبين فضل الرسول الكريم وأهل بيته ثمّ يعظ الناس]
فَتَبَارَكَ اللهُ الَّذِي لا تَبْلُغُهُ بُعْدُ الْهِمَمِ ، وَلا يَنَالُهُ حَدْسُ الْفِطَنِ ، الأوَّلُ الَّذِي لا غَايَةَ لَهُ فَيَنْتَهِيَ، وَلا آخِرَ لَهُ فَيَنْقَضِيَ.
منها: [في وصف الأنبياء]
فَاسْتَوْدَعَهُمْ فِي أَفْضَلِ مُسْتَوْدَعٍ، وَأَقَرَّهُمْ فِي خَيْرِ مُسْتَقَرّ ٍ، تَنَاسَخَتْهُمْ كَرَائِمُ الأَصْلاَبِ إِلَى مُطَهَّرَاتِ الأَرْحَامِ; كُلَّمَا مَضَى سَلَفٌ، قَامَ مِنْهُمْ بِدِينِ اللهِ خَلَفٌ.
حَتَّى أَفْضَتْ كَرَامَةُ اللهِ سُبْحَانَهُ إِلَى مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)، فَأَخْرَجَهُ مِنْ أَفْضَلِ الْـمَعَادِنِ مَنْبِتاً، وَأَعَزِّ الأَرُومَاتِ([2]) مَغْرِساً، مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي صَدَعَ مِنْهَا أَنْبِيَاءَهُ، وَانْتَجَبَ مِنْهَا أُمَنَاءَهُ. عِترَتُهُ خَيْرُ الْعِتـَرِ، وَأُسْرَتُهُ خَيْرُ الأُسَرِ، وَشَجَرَتُهُ خَيْرُ الشَّجَرِ; نَبَتَتْ فِي حَرَمٍ، وَبَسَقَتْ([3]) فِي كَرَمٍ، لَـهَا فُرُوعٌ طِوَالٌ، وَثَمَرٌ لاَيُنَالُ. فَهُوَ إِمَامُ مَنِ اتَّقَى، وَبَصِيرَةُ مَنِ اهْتَدَى، وسِرَاجٌ لَمَعَ ضَوْؤُهُ، وَشِهَابٌ سَطَعَ نُورُهُ وَزَنْدٌ بَرَقَ لَـمْعُهُ; سِيرَتُهُ الْقَصْدُ، وَسُنَّتُهُ الرُّشْدُ، وَكَلاَمُهُ الْفَصْلُ، وَحُكْمُهُ الْعَدْلُ; أَرْسَلَهُ عَلَى حِينِ فَترَةٍ مِنَ الرُّسُلِ، وَهَفْوَةٍ عَنِ الْعَمَلِ، وَغَبَاوَةٍ مِنَ الأُمَمِ.
اعْمَلُوا، رَحِمَكُمُ اللهُ، عَلَى أَعْلاَمٍ بَيِّنَةٍ، فَالطَّرِيقُ نَهْجٌ يَدْعُو إلَى دَارِ السَّلاَمِ، وَأَنْتُمْ فِي دَارِ مُسْتَعْتَبٍ([4]) عَلَى مَهَلٍ وَفَرَاغٍ؛ والصُّحُفُ مَنْشُورَةٌ، وَالأقْلاَمُ جَارِيَةٌ، وَالأَبْدَانُ صَحِيحَةٌ، والأَلْسُنُ مُطْلَقَةٌ، وَالتَّوْبَةُ مَسْمُوعَةٌ، وَالأَعْمَالُ مَقْبُولَةٌ.