[100] ومن خطبة له (عليه السلام)

وهي من خطبه التي تشتمل على ذكر الملاحم

[الْـحَمْدُ للهِِ] الأوَّلِ قَبْلَ كُلِّ أَوِّلٍ ، وَالآخِرِ بَعْدَ كُلِّ آخِرٍ ، بِأَوَّلِيَّتِهِ وَجَبَ أَنْ لا أَوَّلَ لَهُ، وَبِآخِرِيَّتِهِ وَجَبَ أَنْ لا آخِرَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ شَهَادَةً يُوَافِقُ فِيهَا السِّرُّ الإِعْلاَنَ، وَالْقَلْبُ اللِّسَانَ.

أَيُّهَا النَّاسُ، لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي([1])، وَلا يَسْتَهْوِيَنَّكُمْ([2]) عِصْيَانِي، وَلا تَترَامَوْا بِالأَبْصَارِ([3]) عِنْدَ مَا تَسْمَعُونَهُ مِنِّي. فَوَالَّذِي فَلَقَ الْـحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ، إِنَّ الَّذِي أُنَبِّئُكُمْ بِهِ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)، مَا  كَذَبَ الْـمُبَلِّغُ، وَلا جَهِلَ السَّامِعُ، لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى ضِلِّيلٍ([4]) قَدْ نَعَقَ([5]) بِالشَّامِ ، وَفَحَصَ([6]) بِرَايَاتِهِ فِي ضَوَاحِي كُوفَانَ. فَإِذَا فَغَرَتْ فَاغِرَتُهُ([7])، وَاشْتَدَّتْ شَكِيمَتُهُ([8])، وَثَقُلَتْ فِي الأَرْضِ وَطْأَتُهُ، عَضَّتِ الْفِتْنَةُ أَبْنَاءَهَا بِأَنْيَابِهَا، وَمَاجَتِ الْـحَرْبُ بِأَمْوَاجِهَا، وَبَدَا مِنَ الأَ يَّامِ كُلُوحُهَا([9])، وَمِنَ اللَّيَالِي كُدُوحُهَا([10]).

فَإِذَا يَنَعَ زَرْعُهُ، وَقَامَ عَلَى يَنْعِهِ، وَهَدَرَتْ شَقَاشِقُهُ([11])، وَبَرَقَتْ بَوَارِقُهُ([12])، عُقِدَتْ رَايَاتُ الْفِتَنِ الْـمُعْضِلَةِ، وَأَقْبَلْنَ كَالْلَّيْلِ الْـمُظْلِمِ، وَالْبَحْرِ الْـمُلْتَطِمِ.

هذَا، وَكَمْ يَخْرِقُ الْكُوفَةَ مِنْ قَاصِفٍ([13])، وَيَمُرُّ عَلَيْهَا مِنْ عَاصِفٍ! وَعَنْ قَلِيلٍ تَلْتَفُّ الْقُرُونُ بِالْقُرُونِ، وَيُحْصَدُ الْقَائِمُ([14])، وَيُحْطَمُ الْـمَحْصُودُ([15])!