[103] ومن خطبة له (عليه السلام)
أمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّداً (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ يَقْرَأُ كِتَاباً، وَلا يَدَّعِي نُبُوَّةً وَلا وَحْياً، فَقَاتَلَ بِمَنْ أطَاعَهُ مَنْ عَصَاهُ، يَسُوقُهُم إِلَى مَنْجَاتِهِمْ، وَيُبَادِرُ بِهِمُ السَّاعَةَ أَنْ تَنْزِلَ بِهِمْ، يَحْسَرُ الْـحَسِيرُ([1])، وَيَقِفُ الْكَسِيرُ([2]) فَيُقِيمُ عَلَيْهِ حَتَّى يُلْحِقَهُ غَايَتَهُ، إِلَّا هَالِكاً لا خَيْرَ فِيهِ، حَتَّى أَرَاهُمْ مَنْجَاتَهُمْ وَبَوَّأَهُمْ مَحَلَّتَهُمْ، فَاسْتَدَارَتْ رَحَاهُمْ([3])، وَاسْتَقَامَتْ قَنَاتُهُمْ([4])، وَايْمُ اللهِ لَقَدْ كُنْتُ مِنْ سَاقَتِهَا حَتَّى تَوَلَّتْ بِحَذَافِيرِهَا، وَاسْتَوْسَقَتْ([5]) فِي قِيَادِهَا، مَا ضَعُفْتُ، وَلا جَبُنْتُ، وَلا خُنْتُ، وَلا وَهَنْتُ، وَايْمُ اللهِ لأَبْقُرَنَّ الْبَاطِلَ حَتَّى أُخْرِجَ الْـحَقَّ مِنْ خَاصِرَتِهِ!
وقد تقدّم مختار هذه الخطبة، إلّا أنّني وجدتها في هذه الرواية على خلاف ما سبق من زيادة ونقصان، فأوجبت الحال إثباتها ثانية.
[1] ـ حسر البعير: إذا أعيا وقعد عن السير، وأحسر غيره يحسره: إذا قعد له وتأنّى بحاله.
[2] ـ الكسير: هو المكسور، والوقوف هو الإرواد وترك العجلة.
[3] ـ استدارت رحاهم: انتظم أمرهم، لأنّ الرحا إنّما تدور إذا تكاملت أدواتها وآلاتها كلّها.
[4] ـ القناة: الرمح، واستقامتها كناية عن صحة الأحوال وصلاحها.
[5] ـ استوسقت: اجتمعت.