[133] ومن خطبة له(عليه السلام)
[يعظّم الله سبحانه ويذكر القرآن والنبيّ ويعظ الناس]
وَانْقَادَتْ لَهُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ بِأَزِمَّتِهَا ، وَقَذَفَتْ إِلَيْهِ السَّماَوَاتُ وَالأَرَضونَ مَقَالِيدَهَا، وَسَجَدَتْ لَهُ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ الأَشْجَارُ النَّاضِرَةُ، وَقَدَحَتْ لَهُ مِنْ قُضْبَانِهَا([1]) النِّيرَانَ الْـمُضِيئَةَ، وَآتَتْ أُكُلَهَا بِكَلِمَاتِهِ الثِّمَارُ الْيَانِعَةُ.
منها: [في القرآن]
وَكِتَابُ اللهِ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، نَاطِقٌ لا يَعْيَا لِسَانُهُ، وَبَيْتٌ لا تُهْدَمُ أَرْكَانُهُ، وَعِزٌّ لا تُهْزَمُ أَعْوَانُهُ.
منها: [في رسول الله]
أَرْسَلَهُ عَلَى حِينِ فَترَةٍ مِنَ الرُّسُلِ، وَتَنَازُعٍ مِنَ الأَلْسُنِ، فَقَفَّى بِهِ الرُّسُلَ، وَخَتَمَ بِهِ الْوَحْيَ، فَجَاهَدَ فِي اللهِ الْـمُدْبِرِينَ عَنْهُ، وَالْعَادِلِينَ بِهِ.
منها: [في الدنيا]
وَإِنَّمَا الدُّنْيَا مُنْتَهَى بَصَرِ الأَعْمَى، لا يُبْصِرُ مِمَّا وَرَاءَهَا شَيْئَاً، وَالْبَصِيرُ يَنْفُذُهَا بَصَرُهُ، وَيَعْلَمُ أَنَّ الدَّارَ وَرَاءَهَا، فَالبَصِيرُ مِنْهَا شَاخِصٌ، وَالأَعْمَى إِلَيْهَا شَاخِصٌ، وَالْبَصِيرُ مِنْهَا مُتَزَوِّدٌ، وَالأَعْمَى لَـهَا مُتَزَوِّدٌ.
منها: [في عظة الناس]
وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَيْءٍ إلَّا وَيَكَادُ صَاحِبُهُ يَشْبَعُ مِنْهُ وَيَمَلُّهُ، إلَّا الْـحَيَاةَ فَإِنَّهُ لا يَجِدُ لَهُ فِي الْـمَوْتِ رَاحَةً، وَإِنَّمَا ذلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْحِكْمَةِ الَّتِي هِيَ حَيَاةٌ لِلْقَلْبِ الْـمَيِّتِ، وَبَصَرٌ لِلْعَيْنِ الْعَمْيَاءِ، وَسَمْعٌ لِلأُذُنِ الْصَّمَّـاءِ، وَرِيٌّ لِلظَّمْآنِ، وَفِيهَا الْغِنَى كُلُّهُ وَالسَّلاَمَةُ. كِتَابُ اللهِ تُبْصِرُونَ بِهِ، وَتَنْطِقُونَ بِهِ، وَتَسْمَعُونَ بِهِ، وَيَنْطِقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، وَيَشْهَدُ بَعْضُهُ عَلى بَعْضٍ، وَلا يَخْتَلِفُ فِي اللهِ، وَلا يُخَالِفُ بِصَاحِبِهِ عَنِ اللهِ.
قَدِ اصْطَلَحْتُمْ عَلَى الْغِلِّ فِيَما بَيْنَكُمْ، وَنَبَتَ الْـمَرْعَى عَلَى دِمَنِكُمْ([2])، وَتَصَافَيْتُمْ عَلى حُبِّ الآمَالِ، وَتَعَادَيْتُمْ فِي كَسْبِ الأَمْوَالِ، لَقَدِ اسْتَهَامَ بِكُمُ([3]) الْـخَبِيثُ، وَتَاهَ بِكُمُ الْغُرُورُ، وَاللهُ الْـمُسْتَعَانُ عَلَى نَفْسِي وَأَنْفُسِكُمْ.