[145] ومن خطبة له(عليه السلام)([1])
[فناء الدنيا]
أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا أَنْتُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيَا غَرَضٌ تَنْتَضِلُ فِيهِ([2]) الْـمَنَايَا، مَعَ كُلِّ جَرْعَةٍ شَرَقٌ، وَفي كُلِّ أَكْلَةٍ غَصَصٌ، لا تَنَالُونَ مِنْهَا نِعْمَةً إلَّا بِفِرَاقِ أُخْرَى، وَلا يُعَمَّرُ مُعَمَّرٌ مِنْكُمْ يَوْماً مِنْ عُمُرِهِ إلَّا بِهَدْمِ آخَرَ مِنْ أَجَلِهِ، وَلا تُجَدَّدُ لَهُ زِيَادَةٌ فِي أَكْلِهِ إلَّا بِنَفَادِ مَا قَبْلَهَا مِنْ رِزْقِهِ، وَلا يَحْيَا لَهُ أَثَرٌ إلَّا مَاتَ لَهُ أَثَرٌ، وَلا يَتَجَدَّدُ لَهُ جَدِيدٌ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَخْلَقَ لَهُ جَدِيدٌ، وَلا تَقُومُ لَهُ نَابِتَةٌ إلَّا وَتَسْقُطُ مِنْهُ مَحْصُودَةٌ، وَقَدْ مَضَتْ أُصُولٌ نَحْنُ فُرُوعُهَا، فَمَا بَقَاءُ فَرْعٍ بَعْدَ ذَهَابِ أَصْلِهِ!
منها: [في ذمّ البدعة]
وَمَا أُحْدِثَتْ بِدْعَةٌ إلَّا تُرِكَ بِهَا سُنَّةٌ، فَاتَّقُوا الْبِدَعَ، والْزَمُوا الْـمَهْيَعَ([3])، إِنَّ عَوَازِمَ الأُمُورِ([4]) أَفْضَلُهَا، وَإِنَّ مُحْدَثَاتِهَا شِرَارُهَا.
[1] ـ روى القالي (ت 356) في الأمالي 2: 54 إلى قوله: «بهدم آخر من أجله»، وابن شعبة (ق 4) في تحف العقول: 91 من قوله: «مع كل جريمة ـ إلى قوله: ـ إلاّ بفراق اُخرى» والسيد أبو طالب (ت 424) في تيسير المطالب: 183 ح 6 [كما في نهج السعادة 3: 284] ، وروى ذيلها الإسكافي (ت 220) في المعيار والموازنة: 282 هكذا: «ألا انّ أفضل الأمور عوازمها، وانّ شرها محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وما أحدث محدث بدعة إلاّ ترك بها سنة»، واستشهد ابن الأثير (ت 606) في النهاية 4: 377 بقوله: «اتقوا البدع والزموا المهيع».
[2] ـ تنتضل فيه: تترامى فيه.
[3] ـ المهيع: الطريق الواضح.
[4] ـ عوازم الاُمور: ما تقادم منها، أو واجبات الاُمور من الله تعالى.