[169] ومن خطبة له (عليه السلام) عند مسير أصحاب الجمل إلى البصرة([1])
إنَّ اللهَ تَعالَى بَعَثَ رَسُولاً هَادِياً بِكِتَابٍ نَاطِقٍ وَأَمْرٍ قَائِمٍ، لا يَهْلِكُ عَنْهُ إلّا هَالِكٌ، وَإنَّ الْـمُبْتَدَعَاتِ الْـمُشَبَّهَاتِ هُنَّ الْـمُهْلِكَاتُ إلاَّ مَا حَفِظَ اللهُ مِنْهَا، وَإنَّ فِي سُلْطَانِ اللهِ عِصْمَةً لِأمْرِكُمْ، فَأَعْطُوهُ طَاعَتَكُمْ غَيْرَ مُلَوَّمَةٍ([2]) وَلا مُسْتَكْرَهٍ بِهَا.
وَاللهِ لَتَفْعَلُنَّ أَوْ لَيَنْقُلَنَّ اللهُ عَنْكُمْ سُلْطَانَ الإِسْلاَمِ، ثُمَّ لا يَنْقُلُهُ إلَيكُمْ أَبَداً حَتَّى يَأْرِزَ([3]) الأَمْرُ إلَى غَيْرِكُمْ.
إنَّ هؤُلاَءِ قَدْ تَمَالأُوا عَلَى سَخْطَةِ([4]) إمَارَتِى، وَسَأَصْبِرُ مَا لَمْ أَخَفْ عَلَى جَمَاعَتِكُمْ; فَإنَّهُمْ إنْ تَمَّمُوا عَلَى فَيَالَةِ هذَا الرَّأْي([5]) انْقَطَعَ نِظَامُ الْـمُسْلِمِينَ، وَإنَّمَا طَلَبُوا هذِهِ الدُّنْيَا حَسَداً لِـمَنْ أَفَاءَهَا اللهُ عَلَيْهِ، فَأَرَادُوا رَدَّ الأُمُورِ عَلَى أَدْبَارِهَا.
وَلَكُمْ عَلَيْنَا الْعَمَلُ بِكِتَابِ اللهِ وَسِيرَةِ رَسُولِهِ، وَالْقِيَامُ بِحَقِّهِ، وَالنَّعْشُ([6]) لِسُنَّتِهِ.
[1] ـ رواها الطبري (ت 310) في تاريخه 3: 465 عن السدي، عن شعيب، عن سيف، عن محمّد وطلحة، وشرح غريبها ابن الأثير (ت 606) في النهاية 1: 41، 3: 486.
[2] ـ ملوّمة: مبالغة في لامه، أي غير ملوم عليها بالنفاق.
[3] ـ يأرز: يجتمع وينضمّ.
[4] ـ تمالأوا: اجتمعوا. السخطة: الكراهة وعدم الرضا.
[5] ـ فيالة الرأي: ضعفه.
[6] ـ النعش: الرفع.