[174] ومن كلام له (عليه السلام) في معنى طلحة بن عبيدالله([1])
قَدْ كُنْتُ وَمَا أُهَدَّدُ بِالْـحَرْبِ، وَلا أُرَهَّبُ بِالضَّرْبِ، وَأَنَا عَلَى مَا وَعَدَني رَبِّي مِنَ النَّصْرِ. وَاللهِ مَا اسْتَعْجَلَ مُتَجَرِّداً([2]) لِلطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمانَ إلَّا خَوْفاً مِنْ أَنْ يُطَالَبَ بِدَمِهِ، لِأَنَّهُ مَظِنَّتُهُ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْقَومِ أَحْرَصُ عَلَيْهِ مِنْهُ، فَأَرَادَ أَنْ يُغَالِطَ بِمَا أَجْلَبَ فِيهِ لِيَلْتَبِسَ الأَمْرُ وَيَقَعَ الشَّكُّ.
وَوَاللهِ مَا صَنَعَ فِي أَمْرِ عُثْمانَ وَاحِدَةً مِنْ ثَلَاثٍ: لَئِنْ كَانَ ابْنُ عَفَّانَ ظَالِماً ـ كَمَا كَانَ يَزْعُمُ ـ لَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُوَازِرَ قَاتِلِيهِ وَأَنْ يُنَابِذَ([3]) نَاصِرِيهِ، وَلَئِنْ كَانَ مَظْلُوماً لَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكُونَ مِنَ المُنَهْنِهِينَ([4]) عَنْهُ وَالْـمُعَذِّرِينَ فِيهِ([5])، وَلَئِنْ كَانَ فِي شَكّ ٍ مِنَ الْـخَصْلَتَيْنِ، لَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَعْتَزِلَهُ وَيَرْكُدَ جَانِباً وَيَدَعَ النَّاسَ مَعَهُ، فَمَا فَعَلَ وَاحِدَةً مِنَ الثَّلاَثِ، وَجَاءَ بِأَمْرٍ لَمْ يُعْرَفْ بَابُهُ، وَلَمْ تَسْلَمْ مَعَاذِيرُهُ.
[1] ـ روى صدره الكليني (ت 329) في الكافي 5: 53 ح 4 من قوله: «قد كنت وما أهدد بالحرب ـ إلى قوله : ـ وعدني ربّي من النصر» وقال: «عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب رفعه أنّ أميرالمؤمنين (عليه السلام) خطب يوم الجمل...»، وروى جميعه باختلاف الشيخ الطوسي (ت 460) في الأمالي: 169 ح36 وقال: «أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبو الحسن عليّ بن محمّد الكاتب، قال: حدّثنا الحسن بن عليّ ابن عبدالكريم الزعفراني، قال: حدثنا إبراهيم بن محمّد الثقفي، قال: حدثنا عبيدالله بن إسحاق الضبي، عن حمزة بن نصر، عن إسماعيل بن رجاء الزبيدي».
[2] ـ تجرّد زيد لأمره: جدّ فيه.
[3] ـ يوازر: يعين، ينابذ: يحارب.
[4] ـ المنهنهين: الكافّين والزاجرين.
[5] ـ المعذّرين فيه: المعتذرين عنه فيما نقم منه.
