[175] ومن خطبة له (عليه السلام)
[في الموعظة وبيان قرباه من رسول الله]
أَيُّهَا الغَافِلُونَ غَيْرُ الْـمَغْفُولِ عَنْهُمْ، وَالتَّارِكُونَ الْـمَأْخُوذُ مِنْهُمْ، مَالِـي أَرَاكُمْ عَنِ اللهِ ذَاهِبِينَ، وَإِلَى غَيْرِهِ رَاغِبِينَ! كَأَنَّكُمْ نَعَمٌ أَرَاحَ بِهَا سَائِمٌ([1]) إلَى مَرْعىً وبيٍّ، وَمَشْرَبٍ دَوِيّ ٍ([2]) ، وَإنَّمَا هِيَ كَالْـمَعْلُوفَةِ لِلْمُدَى؛ لا تَعْرِفُ مَاذَا يُرَادُ بِهَا! إذَا أُحْسِنَ إلَيْهَا تَحْسَبُ يَوْمَهَا دَهْرَهَا، وَشِبَعَهَا أَمْرَهَا.
وَاللهِ لَوْ شِئْتُ أَنْ أُخْبِرَ كُلَّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِمَخْرَجِهِ وَمَوْلِجِهِ وَجَمِيعِ شَأْنِهِ لَفَعَلْتُ، وَلكِنْ أَخَافُ أَنْ تَكْفُرُوا فيَّ بِرَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)، أَلاَ وَإِنِّي مُفْضِيهِ إلَى الْـخَاصَّةِ مِمَّنْ يُؤْمَنُ ذلِكَ مِنْهُ.
وَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْـحَقِّ، وَاصْطَفَاهُ عَلَى الْـخَلْقِ، مَا أَنْطِقُ إلاَّ صَادِقاً، وَقَدْ عَهِدَ إِلَيَّ بِذلِكَ كُلِّهِ، وَبِمَهْلِكِ مَنْ يَهْلِكُ، وَمَنْجَى مَنْ يَنْجُو، وَمَآلِ هذَا الأَمْرِ، وَمَا أَبْقَى شَيْئاً يَمُرُّ عَلَى رَأْسِي إلَّا أَفْرَغَهُ فِي أُذُنَيَّ وَأَفْضَى بِهِ إِلَيَّ.
أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي وَاللهِ مَا أَحُثُّكُمْ عَلَى طَاعَةٍ إلَّا وَأَسْبِقُكُمْ إِلَيْهَا، وَلا أَنْهَاكُمْ عَنْ مَعْصِيَةٍ إلَّا وَأَتَنَاهَى قَبْلَكُمْ عَنْهَا.