[187] ومن خطبة له (عليه السلام) تختصّ بذكر الملاحم
أَلاَ بِأَبِي وَأُمِّي، هُمْ مِنْ عِدَّةٍ أَسْمَاؤُهُمْ فِي السَّماءِ مَعْرُوفَةٌ وَفِي الأَرْضِ مَجْهُولَةٌ. أَلاَ فَتَوَقَّعُوا مَا يَكُونُ مِنْ إِدْبَارِ أُمُورِكُمْ، وَانْقِطَاعِ وُصَلِكُمْ، وَاسْتِعْمَالِ صِغَارِكُمْ: ذاكَ حَيْثُ تَكُونُ ضَرْبَةُ السَّيْفِ عَلَى الْـمُؤْمِنِ أَهْوَنَ مِنَ الدِّرْهَمِ مِنْ حِلِّهِ!
ذَاكَ حَيْثُ يَكُونُ الْـمُعْطَى أَعْظَمَ أَجْراً مِنَ الْـمُعْطِي! ذَاكَ حَيْثُ تَسْكَرُونَ مِنْ غَيْرِ شَرَابٍ، بَلْ مِنَ النِّعْمَةِ والنَّعِيمِ، وَتَحْلِفُونَ مِنْ غَيْرِ اضْطِرَارٍ، وَتَكْذِبُونَ مِنْ غَيْرِ إِحْرَاجٍ ذَاكَ إِذَا عَضَّكُمُ الْبَلاَءُ كَمَا يَعَضُّ الْقَتَبُ غَارِبَ الْبَعيرِ([1]).
مَا أَطْوَلَ هذَا الْعَنَاءَ، وَأَبْعَدَ هذا الرَّجَاءَ! أَيُّهَا النَّاسُ، أَلْقُوا هذِهِ الأَزِمَّةَ الَّتِي تَحْمِلُ ظُهُورُهَا([2]) الأَثْقَالَ مِنْ أيْدِيكُمْ، وَلا تَصَدَّعُوا([3]) عَلَى سُلْطَانِكُمْ فَتَذُمُّوا غِبَّ فِعَالِكُمْ، وَلا تَقْتَحِمُوا مَا اسْتَقْبَلْتُمْ مِنْ فَوْرِ([4]) نَارِ الْفِتْنَةِ، وأَمِيطُوا عَنْ سَنَنِهَا([5])، وَخَلُّوا قَصْدَ السَّبِيلِ لَهَا، فَقدْ لَعَمْرِي يَهْلِكُ فِي لَـهَبِهَا الْـمُؤْمِنُ، وَيَسْلَمُ فِيهَا غَيْرُ الْـمُسْلِمِ. إِنَّمَا مَثَلِـي بَيْنَكُمْ مَثَلُ السِّرَاجِ فِي الظُّلْمَةِ، يَسْتَضِيءُ بِهِ مَنْ وَلَجَهَا. فَاسْمَعُوا أَيُّهَا النَّاسُ وَعُوا، وَأَحْضِروا آذَانَ قُلُوبِكُمْ تَفْهَمُوا.