[227] ومن كلام له(عليه السلام)
[يريد به بعض أصحابه] ([1])
لله ِ بِلادُ فُلَان، فَلَقَدْ قَوَّمَ الْأَوَدَ، وَدَاوَى الْعَمَدَ([2])، وَأَقَامَ السُّنَّةَ، وَخَلَّفَ الْفِتْنَةَ([3])! ذَهَبَ نَقِيَّ الثَّوْبِ، قَلِيلَ الْعَيْبِ، أَصَابَ خَيْرَهَا، وَسَبَقَ شَرَّهَا، أَدَّى إِلَى اللهِ طَاعَتَهُ، وَاتَّقَاهُ بِحَقِّهِ، رَحَلَ وَتَرَكَهُمْ فِي طُرُقٍ مُتَشَعِّبَةٍ، لا يَهْتَدِي بِهَا الضَّالُّ، وَلا يَسْتَيْقِنُ الْـمُهْتَدِي.
[1] ـ وقع خلاف في المعنيّ بهذا الكلام يمكن ايجازه فيما يلي:
ألف: انّه (عليه السلام) أراد به عمر بن الخطاب كما ادعى ذلك ابن أبي الحديد، ب: انّه (عليه السلام) أراد به أبا بكر كما مال إليه ابن ميثم البحراني، ج: إنّه (عليه السلام) أراد بعض أصحابه كمالك الأشتر كما ذهب إليه الراوندي وكما هو في بعض النسخ، د: إنّه كلام موضوع على أميرالمؤمنين (عليه السلام) ولم يصدر منه، كما ذهب إليه المحقق التستري في بهج الصباغة 9: 480، هـ: إنّه لم يكن قول عليّ (عليه السلام) بل هو قول نائحة عمر أجراه أميرالمؤمنين (عليه السلام) على لسانه حكاية عنها كما ورد في المصادر التي روت الحدث كتاريخ الطبري، وابن عساكر، وابن شبة في تاريخ المدينة.
أقول: لم يثبت عندنا عن أميرالمؤمنين (عليه السلام) مدح لمن تقدّمه بالخلافة، بل ما وجدناه ثابتاً وصحيحاً عنه وعن فاطمة الزهراء (عليهما السلام) التظلّم والشكوى قولاً وعملاً، أمّا قولاً فيكفيك الخطبة الشقشقية والخطبة الفدكية لفاطمة الزهراء (عليها السلام)، وأمّا عملاً كرفضه (عليه السلام) العمل بسنّة الشيخين وسيرتهما في مؤتمر الشورى بعد مقتل عمر بن الخطاب، فكيف يقول (عليه السلام) بعدها: «وأقام السنّة». ولو كان أقامها بحسب رأيه فلماذا رفض (عليه السلام) الخلافة لما سيقت إليه يوم الشورى ولم يقبلها للاشتراط عليه بالعمل بسيرة الشيخين مع ما جرى عليه وعلى ذويه وصحبه الخلّص من جرّائها.
والأمثل عندي أنّ هذا لم يثبت عن أميرالمؤمنين (عليه السلام)، بل كما ورد في المصادر ـ على اختلاف ألفاظها ـ انّه قول نائحة عمر، وفي نهايته أشار الإمام بقوله: «والله ما قالت ولكن قوّلت» ما يشير إلى وجود ضغط وكبت سياسي آنذاك حتى على نائحة عمر ونادبته.
[2] ـ الأود: العوج. العَمَد: العلة.
[3] ـ خلف الفتنة: تركها.