العربية
100%
بطاقة الزائر الثقافية

مسيرة العشق الحسيني

كما في كلّ عام، تؤكّد ذكرى أربعين استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) وأصحابه، النهج الذي أسّسه سيّد الشهداء (عليه السلام) بدمائه الزكيّة، وأنّ ثورته باقية ما بقي فينا دمٌ يجري وعرقٌ ينبض، وأنّ نداءها ما يزال يصدح في التاريخ، ولتفضح نهج يزيد وأزلامه ومَن يحذو حذوهم، ويقتفي أثرهم.

فقد روي عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قوله في زيارة قبر الإمام الحسين (عليه السلام):  (من زاره عارفاً بحقه كتب الله له ثواب ألف حجة وألف عمرة، ألا ومن زاره فقد زارني، ومن زارني فكأنما زار الله، وحق على الله أن لا يعذبه بالنار). 

سُمِّي يوم الأربعين بهذا الاسم لوقوع أحداثه بعد أربعين يوماً من معركة كربلاء، حيث عاد الإمام زين العابدين (عليه السلام) والسيدة زينب (عليها السلام) مع السبايا إلى كربلاء لزيارة قبور الشهداء، لذلك يقوم الشيعة بالمشي نحو الحضرة الحسينية المقدسة تقليدًا وإحياءً لهذه الحادثة، فقد أرجع السيد الطباطبائي زيارة الأربعين إلى عصر أئمة الشيعةالمعصومين  (عليه السلام) مؤكداً أن الشيعة كانوا يزورون مرقد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالبعليهما السلام) ) في العصرين الأموي والعباسي، اقتداءً بأئمتهم (عليهم السلام)، وأنّ سيرة الشيعة قائمة على التمسك بزيارة الأربعين على مرّ العصور والأيام.

 

ملايين المؤمنين توافدوا على قبلة الأحرار في كربلاء الثائرين ليزوروا مرقد أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) حيث تعددت اللهجات واختلفت الجنسيات والثقافات في هذا الحشد المليوني الكبير، إلا أنهم قد توحدوا بحب الحسين، فهدفهم واحد وغايتهم سامية لينتهلوا من سيرة سيد الشهداء وليستنهضوا معالم ثورة الإمام وليترجموا حقيقة المقولة المشهورة " لبيك يا حسين" حينما نادى (عليه السلام) يوم الطف  "ألا من ناصر ينصرنا" فما من طريق إلا وفيه الشيخ الكبير والطفل والنساء والرجال ومن دول شتى تسير مشياً على الأقدام لتصل كربلاء المقدسة.

تحولت هذه الزيارة في السنين الأخيرة إلى تظاهرة مليونية يتحرك فيها الشيعة نحو كربلاء من جميع أرجاء المعمورة من داخل العراق وخارجه، فيشكلون شبكة بشرية -لا مثيل لها في العالم- أخذت بالانتشار والتوسع حتى عد هذا الأمر أكبر تجمع بشري ديني سلمي في العالم على طوال السنوات الأخيرة، تتجسد فيه كل المعاني السامية للدين الإسلامي الحق، وما هذا إلا تجسيد حقيقي لقول السيدة زينب (عليها السلام) حين خاطبت طاغية العصر في مجلسه "كد كيدك واسعَ سعيك وناصب جهدك فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا".