قال ابنُ طاووس: سَمِعتُ والدي (قدّس سرّه) غَيرَ مَرةٍ يَحكِي عَن الشّيخ الحُسين بِن عبدالكَريم الغَروي، هذِه الحِكايةُ الآتي ذِكرُها و إن لَم احَقِق لَفظَه و لكِن المَعنَى مِنها ارويهِ عَنهُ و اللّفظ وَجدتُهُ مَروياً عن العَمّ السَّعيد عَنهُ.
كان إيلغازي أميراً في مدينة الحلّة، وكانَ قد اتّفق أنّهُ أنفذَ سَريةً الى العَربِ، فَلّما رَجَعت السّريّة نَزلوا حَول سُورِ المَشهدِ الاشرَفِ المقدّس الغَروي على الحالِّ بِهِ أفضَلَ الصّلاة و السلام.
قالَ الشيخ حسين، فَخَرجتُ بَعدَ رحيلهِم الى ذلِكَ المَوضعِ الذي كانوا فِيهِ نُزولاً لأمرٍ عَرضَ فَوجَدتُ (كلابي سَربوش) مُلقاةً في الرّحل، فمَددت يَدي فأخَذتُهما، وعَلُقت ذِمَتي بِما لَيسَ فِيهِ راحة، فَلما كانَ بَعدَ مُدّة زَمينةٍ اتَفَق أنّه ماتَت عِندَنا في المَشهدِ المُقدّس امرأةٌ عَلويَةٌ، فَصَلّينا عَليها و خَرَجتُ مَعَهُم الى المَقبرةِ، واذا بِرَجُلٍ تُركي قائِمٌ يُفَتِّش مَوضِعاً لَقيتُ الكلابَين فِيهِ، فَقُلتُ لأصحابي: اعلمُوا أنّ (ذاكَ التُركي) يُفَتِّش على كلابي سَربوش وهُما مَعِي في جَيبِي، وكُنتُ لَمّا أردتُ الخُروجَ الى الصَّلاةِ على المَيتَةِ لاحَت لِي الكلابان في داري فأَخذتُهُما.
ثُمّ جِئتُ أنا وأصحابِي فَسلّمتُ على التركي، فَقُلتَ له: ما تُفَتِّش؟ قالَ: أُفَتِّش على كُلابي سَربوش ضَاعَت مِنّي مُنذُ سَنةٍ.
قُلتُ: سُّبحانَ اللهِ تَضِيعُ مِنكَ مُنذُ سَنةٍ وتَطلبَها اليَوم؟ قال: نَعَم، إعلَم أنّي لَمّا دَخَلت السّرية كُنتُ مَعَهُم، فَلَمّا وَصلنا الى خَندَقِ الكوفةِ ذَكرت الكلابين فَقُلتُ: ياعلي هُما في ضَمانِكَ، لأنّهما في حَرمِك، وأنا أعَلمُ أنّهما لايُصيبَهُما شيٌ.
فَقُلتُ لَهُ: الآن ماحَفِظَ اللهُ عَليكَ شَيئاً غَيرَهُما، ثُمّ ناولتُهُ إياهُما واعتقدنا أنّ المُدّة كانت سَنة (1)
(1) فرحة الغري ص 167 ، بحار الانوار 42 ، 318 ، الغارات 2 / 873.