ذَكرَ السّيد نعمةُ الله الجزائري قال: حَدَثني مَن أثِقُ بِهِ أنّ سُلطانَ الرُّوم (السُّلطان سُليمان) الذي أجرى الماءَ مِنَ الفُراتِ الى مَشهدِ الامامِ أبي عبداللهِ الحسينِ (عليه السلام) وهو النّهر المِوسّوم (بالحسِينيَّة) لمّا أتى إلى زِيارَةِ أميرالمؤمنين (عليه السلام) وصارَ بالقُربِ منَ المَشهدِ الشّريف نَزَل عَن فَرَسه وقَصدَ زِيارتَه ماشياً، فَغَضِب المُفتي وهو قاضِي العَسكر لأنّه كان ناصبياً، وقال: أنتَ سُلطانٌ في الحياةِ وعليُ بنُ أبي طالب خليفة ماتَ فَكيفَ تَمشي لِزِيارَتِهِ وكَيفَ لَم تَبقَ راكِباً وتجاذبا الكلام.
قال له المفتي: إن كُنت شاكّا في كَلامِي فَتَفائَل بِالقُرآنِ يَتضحُ لَكَ حقيقةُ الحالِ، فَلّما فَتَح القرآنَ كانَت الآيةُ (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى)(1)
فالتفتَ السّلطانُ الى المُفتِي وقال: ما زادّنا كلامُك إلا زيادةَ نَزعِ النَّعل والمَشي حافِياً الى الرّوضة وقَد اصابَت الارضُ قَدَميهِ بِجراحٍ، فَلَمّا فَرِغ من زِيارَة الرّوضة المُقدّسة قالَ لهُ المُفتي: إنّ في هذا المَشهَدِ قَبر رَجُلٍ مِن عُلماءِ الرّافضة وهُوَ الذي روّج مَذهبَ الشّيعة، فأخرِج عِظامَه واحرِقها بالنّار، فقال: مَن هو؟ قال: هو الشّيخ ابوجَعفَرٍ مُحمدُ بنُ الحَسنِ الطّوسي.
فَقالَ لهُ السّلطان: هذا الرّجل لَيسَ داخِلاً تَحتَ سُلطانِي وإنما سُلطانِي عَلى مَن فَوق الارضِ وهذا تَحتَ سُلطانِ اللِه سُبحانَه فَكلّما استَحَقَّهُ مِن الثّواب والعِقابِ أوصَلَه اليهِ، ثُمّ إنّ المُفتي بالغَ مَعهُ فقالَ لَهُ السّلطان اخرُج أيّها المُفتي إلى خارِج البَلَد ومر بجَمعِ الحَطَبِ واضرِم بِه النّار وكُن هُناكَ حتى آتيكَ وأحرِقُ هذا الرّافضي فَتَقدّم المُفتِي وأَضرَمَ النّار ولمّا فَرِغَ السّلطان مِن أعمالِ الزِّيارة خَرجَ الى خارجِ البَلد وكانت النّار مُوقَدَة والمُفتِي عَندَها فقالَ لَهُ السّلطان أما كَفاكَ التَّفاؤُلُ حَتى طَلبتَ مِنّي إحراقُ عِظامٍ باليَةٍ وصَلَت الى رَبِّها فَجزاها بَما صَنَعَت، ثُمّ أمَرَ بالمُفتِي فرُمِي بِالنّار واحتَرق.
(1) طه / 12.
زهر الربيع ج 2 ص 119.