مكتبة الروضة الحيدرية
الرسائل الجامعية ـ 19
تأليف
آمال حسين علوان خوير
المقدمة
لا يخفى على كل ذي بال ما لعلم الحديث من جلالة ومنزلة فهو من أجل العلوم قدرا وأعلاها رتبة واعظمها مثوبة بعد القرآن الكريم.
فقد تضافرت الروايات الشريفة في فضله وعظمته فعن رسول الله (ص) ((نظـّر الله امرأ سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه غيره،فرب حامل فقه الى من هو أفقه منه،ورب حامل فقه ليس بفقيه))([1]).
وقوله (ص):((من ادى الى أمتي حديثا يقام به سنة او يثلم به بدعة فله الجنة))([2])،وقوله (ص) :((تذاكروا وتلاقوا وتحدثوا فإن الحديث جلاء القلوب))([3]).
وعليه فإن الاشتغال بالحديث وعلومه وتحصيله والتصنيف فيه خير ما يشغل به الوقت،ومن أفضل ما يسعى اليه في العمر، واشرف ما يتحصل عليه،إذ هو ارث المعصومين ومطلب الاتقياء.
وتوجهت جهود علمائنا الإعلام إلى خدمة القرآن الكريم والسنة المطهرة خدمة لا مثيل لها.
وما إن بدأ عصر الغيبة الكبرى حتى كان الشيخ الكليني(ت329هـ)قد أنجز في الغيبة الصغرى كتابه العظيم(الكافي) فروعا واصولا ،ولعله قد حظي باشراف مباشر عليه من النواب الثلاثة الذين عاصرهم،وإذا كان الأمر كذلك فقد حظي بمباركة صاحب الأمر(عجل الله فرجه الشريف)،وبدأ من بعده في عصر الغيبة الكبرى كل من الشيخ الصدوق(ت381هـ)،والشيخ الطوسي(ت460هـ)، ليدونوا أولى المجاميع الحديثية الكبرى لدى الطائفة الأمامية بشكل منهجي ومنظم.
ولقد اهتم بالسنة جماعة من العلماء،وانصرف إليها نفر من الدارسين قديما وحديثا،أوسعوها بحثا وحلوا مشكلاتها تحقيقا وأحاطوا بكتبها علما، وعدوا رجالها احصاءً،واستوعبوا ابحاثها تنقيبا وحاولوا ان يجمعوا ما انتثر من حلقاتها،وكان سعيهم مشكورا.
ولما انقضى عهد الأئمة الجهابذة من المتقدمين من أئمة الحديث جاء المتأخرون في نهاية القرن السابع الهجري، فحاولوا استقراء ما صنفه المتقدمون، ووضعوا قواعد لعلم الحديث ونظـّروا لمصطلحه وتجلى ذلك في كتابات السيد ابن طاووس وظهر في مصنفات تلميذيه :العلامة الحلي(ت726هـ)،وابن داود الحلي(ت707هـ)، ثم ظهر اول مصنف في علم الدارية على يد الشهيد الثاني(ت966هـ)، وجاء من بعده والد الشيخ البهائي(ت985هـ)،والفاضلان الشيخ البهائي(ت1030هـ)،والسيد الداماد(ت1041هـ)،ولما كان منهج القدماء منهجا عمليا تطبيقيا اذ لم يصرحوا دائما بمنهجهم في اختيار الأحاديث وفي انتقاد الاسانيد،ولم يبنوا لنا الاسس التي بموجبها اختاروا الأحاديث او تلك الاسانيد،وقد تبلورت هذه الأسس والمصطلحات في المدارس الحديثية المتأخرة وتبع ذلك الاسلوب في علم الرجال، فما يقام على أساس الاستقراء الظني والاجتهادي لدى قدماء الرجاليين تبلور علم الرجال لدى المتأخرين بقواعده وأصوله وتوثيقاته وتضعيفاته.
سبب اختيار الموضوع :
نظرا لأهمية هذا العلم لأنه من العلوم المتصلة بالمصدر الثاني للشريعة الاسلامية بعد القرآن الكريم،آليت على نفسي ان أخدم سنة الأئمة المعصومين عليهم السلام بحسب وسعي وطاقتي فاخترت هذا الموضوع.
ومما شجعني على الخوض فيه ،أن ما تميزت به مدرسة النجف من نشاط فقهي واصولي لا يضاهيه أي نشاط في أية مدرسة من مدارس العالم الاسلامي،وقد لا يحيط بها الاحصاء،ولا يستوعبها الاستقراء لما قدمته من نتاج معرفي.
وفي الوقت نفسه نلحظ قصورا واضحا في النشاط الحديثي في مدرسة النجف،بل إن أغلب ما كتب عن علم الحديث كان منضويا تماما بقواعده وتطبيقاته تحت علمي الاصول والفقه،وهذا ما لحظه البحث في حقبة حدوده،من هنا جاء البحث ليستقري ما أضافته مدرسة النجف وما جددته وما ابتكرته في مجالي الدراية والرجال،كما ان الجدة التي اتصف بها البحث إذ لم تقف الباحثة على تصنيف منفرد في هذا المجال.
وتظهر أهمية الموضوع من خلال التعرف على جهود مدرسة النجف في الحديث وعلومه في القرنين الماضيين اللذين يعدان عصري الازدهار والتجديد في تاريخ المدرسة على مدى عشرة قرون.
اما منهج البحث فقد سلكت في كتابته المنهج الاستقرائي والوصفي في جمع المعلومات التاريخية معتمدة على المصادر الاصيلة في هذا الموضوع.
أما خطة البحث فكانت على مقدمة وثلاثة فصول، فأما المقدمة فقد بينت فيها اهمية هذا الموضوع ومنهجي في البحث،وتضمن الفصل الاول نبذة تاريخية للتعريف بمدينة النجف من حيث تسميتها ومعاهد التعليم فيها ومساجدها ومدارسها ثم التعرف على اطوار مدرسة النجف اذ كانت مقسومة على سبعة اطوار وتناولت في الفصل نفسه العملية التعليمية وفصلت في المعلم وآدابه والمتعلم وشروطه والمنهج وعناصره من الاهداف والمحتوى وطرائق التدريس والانشطة والوسائل التعليمة والتقويم.وناقشت المنهجية في مدرسة النجف.
وتكفل الفصل الثاني ببيان مجهود مدرسة النجف في علم الدراية متضمنا هذا الفصل التعريف بالدراية واركانها وابتكارات هذه المدرسة لمصطلح الحديث من المعتبر والمصحح والحسن كالقوي،ثم اتبعته بالتطبيق العملي في المصنفات الفقهية واستعمالات مدرسة النجف لها.ثم تناولت مصطلحات الشاذ والمضطرب وبيّنت انفرادات مدرسة النجف فيهما،ثم استعرضت مصطلح الشهرة وما له علاقة من التطبيقات الفقهية له وطبقت ذلك على استعمالات السيد اليزدي مثالا.ثم عرضت الاجازات الحديثية واثرها في التقريب بين المذاهب الاسلامية.وخلصت بعد ذلك الى بيان جهود علماء المدرسة في الدراية،وبيان مصنفاتهم.
وخصص الفصل الثالث لدراسة علم الرجال في مدرسة النجف والتعريف به وأهم القواعد الرجالية المستخدمة في المدرسة من التوثيق والتضعيف،ثم بينت أهمية الطبقات وما انفردت به المدرسة في تحديدها لطبقات الرواة،ثم خلصت الى استقراء أهم المصنفات الرجالية في القرنين المذكورين.
أما الخاتمة فقد اوجزت فيها أهم نتائج البحث وما امتازت به مدرسة النجف الحديثية.متبوعة بقائمة في اسماء المصادر والمراجع التي استخدمها البحث.
وختاما فإن هذا هو جهدي المتواضع الذي ارجو من الله تعالى له القبول فقد بذلت فيه ما وسعني من جهد،فإن وفقت فيه فلله تعالى الفضل والمنة،وإن كان غير ذلك فحسبكم أني بشر اصيب وأخطئ،والله سبحانه وتعالى يثيب على القصد ويعفو عن الخطأ فأسأله سبحانه وتعالى ان يجنبنا الزلل ويرشدنا الى الصواب ويوفقنا الى ما يحبه ويرضاه. والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين.
([1]) الترمذي،السنن،34.
([2]) السيوطي، الجامع الصغير،2/161.
([3]) الكليني، الكافي،1/32.
الفهارس
المقدمة............1ـ4
الفصل الاول:التعريف بمدرسة النجف............5ـ81
تسمية النجف............6ـ12
مساجد النجف............13ـ19
مدارس النجف العلمية............20ـ45
بداية نشوء المدارس في النجف............25
النظرية الاولى............25ـ31
النظرية الثانية............31ـ35
المدرسة السليمية............36
مدرسة الشيخ ملا عبد الله............37
المدرسة الغروية............37
مدرسة الصدر ............38
مدرسة المعتمد (مدرسة الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء)............38
المدرسة المهدية............39
مدرسة القوام............39
مدرسة الايرواني............39
مدرسة الميرزا حسن الشيرازي............40
مدرسة القزويني............40
مدرسة البادكوبي............41
مدرسة الهندي............41
مدرسة الشربياني............41
مدرسة اليرزا حسين الخليلي............42
مدرسة الآخوند الكبرى............43
مدرسة اليرزا حسين الخليلي............43
مدرسة الآخوند الكبرى............43
مدرسة الآخوند الوسطى............44
مدرسة الآخوند الصغرى............44
مدرسة البخارائي............44
مدرسة السيد محمد كاظم اليزدي............44
مدرسة البرجوردي............45
أدوار مدرسة النجف العلمية............47ـ58
مدرسة النجف في دور التأسيس............47
مدرسة النجف في دور الضعف............48
مدرسة النجف في دور البناء الجديد............48
مدرسة النجف في دور الازدهار............48
مدرسة النجف في دور الصراع الفكري والسياسي............49ـ52
مدرسة النجف في دور الانتصار الاصولي............50ـ52
مدرسة النجف في عصر التجديد............53ـ58
الدراسة والتدريس في مدرسة النجف............59
الطالب(المتعلم)............65
آداب الطالب في مدرسة النجف............67
آداب الطالب في نفسه............68
آداب الطالب مع شيخه............70
آدابه في الدرس............71
الاستاذ (المعلم)............72
المنهج............78
الأهداف العامة............79
الأهداف الخاصة............79
المحتوى............79
طرائق التدريس............83
الانشطة............83
الوسائل التعليمية............83
التقويم............83
الفصل الثاني:جهود مدرسة النجف الاشرف في علم الدراية............ 85ـ152
توطئة............86ـ89
علم دراية الحديث............90
السند............92
الخبر............94
المتن............94
ابتكار المصطلحات الدراية في مدرسة النجف الاشرف............96ـ108
المعتبر............96
المصحح............102
الحسن كالقوي............105
الشهرة الروائية............108
الشهرة العملية............109
الشهرة الفتوائية............110
تطبيقات الشهرة في مدرسة النجف (السيد اليزدي نموذجا)............112
مصطلح الشاذ............114
الحديث المضطرب............116
فقه الحديث............119
الاجازات الحديثية............122
فوائد الاجازات الحديثية............127
الوجادة............128
الخبر الآحاد............130
الخبر المتواتر............133
نظرية السيد الشهيد محمد باقر الصدر (ت140هـ) في التواتر............136
الشروح والحواشي والتعليقات على كتب الحديث............137
نقد كتب صحاح السنة............141ـ149
الانتخاب القريب من التقريب............144
كتاب المراجعات وكتاب أبي هريرة............146
كتاب دلائل الصدق وكتاب الافصاح............147
النشاط المعرفي لعلم الحديث في مدرسة النجف............150ـ152
الفصل الثالث: جهود مدرسة النجف الاشرف في علم الرجال..........153ـ210
توطئة............154
التعريف بعلم الرجال............163
الجرح والتعديل............164
فائدة علم الرجال............167
المعايير العلمية للتوثيق والتضعيف في مدرسة النجف............170ـ175
المعايير الخاصة في التوثيق............170
تقديم رجال النجاشي على رجال الطوسي............172
المعايير العامة في التوثيق............177
اصحاب الاجماع............178
موقف السيد بحر العلوم من أصحاب الاجماع............179
إشكال السيد محسن الاعرجي............180
الشيخ حسين النوري............181
مناقشات الشيخ النوري حول تفسير ما يصح عنهم............181
الوقوع في سند محكوم بالصحة ............182
وكالة الامام............183
شيوخ الاجازة............184
تأليف كتاب أو أصل............186
ترحم أحد الأعلام............188
الفرق بين الوثاقة والعدالة............192
ضبط الرواة في مدرسة النجف ............193
طبقات الرواة في مدرسة النجف............196ـ203
مصنفات مدرسة النجف في علم الرجال............204ـ210
الخاتمة............211ـ213
المصادر والمراجع............114ـ234
ملخص الرسالة في اللغة الانكليزية............