مكتبة الروضة الحيدرية
الرسائل الجامعية : 36
تأليف
رحمة كمال عزيز الموسوي
المقدمة
الحمد لله الذي جلّ أنْ تدركه المشاعر والأبصار، وتنزّه أنْ يتحد بغيره أو يُشبه الأغيار، العدل الذي لا يعذب مع الجبر والاضطرار، ولا يكلف بدون الوسع والإختيار، والصلاة الزاكية على طيّب الذكر والآثار سيدنا ونبينا المعصوم بالجهر والإسرار وعلى آله المصطفَين حجج الملك الجبار، وسلم عليهم تسليماً دائماً ما اختلف الليل والنهار، وجعلنا من أوليائهم في دار القرار وبعد....
فالشيخ محمد حسن المظفر هو أحد أعلام مدرسة النجف الأشرف الحديثة الذي كان له الإسهام الملموس في وضوح الجهد الكلامي لمدرسة الإمامية الاثنى عشرية على خارطة الفكر الكلامي للإمامية، تلك المدرسة التي قال عنها (كارادي ﭬﻭ) أصحاب الفكر الحر.
فصاحب هذه الدراسة هو محمد حسن بن محمد بن الشيخ عبد الله بن أحمد بن مظفر, النجفي الولادة والنشأة.
يرجع نسب آل المظفر إلى آل مسروح من أصل آل عِلي المضريّين القاطنين في أرض العوالي بالحجاز، ولا تزال فروعها تسكن عوالي المدينة المنورة حتى يومنا هذا. وقد هاجر مظفر بن عطاء الله – جد الأسرة الأعلى – من مدينة الرسول الأكرم قبل القرن العاشر الهجري وقصد النجف الأشرف فسكن فيها، واختلف على علمائها، فاستفاد منهم.
وقد نبغ من هذه الأسرة أعلام كثيرون أشهرهم إبراهيم بن محمد بن عبد الحسين المعروف بالجزائري المعاصر للشيخ جعفر الكبير.
إذن فالمترجَم له ينتسب إلى أسرة عريقة معروفة بالفضل والعلم، وقبل هذا وذاك كان للبيئة الفكرية التي عاش فيها أثرها الكبير في صياغة أفكاره.
لقد انتظمت هذه الدراسة في أربعة فصول مسبوقة بتمهيد جاء بعنوان (سيرة مؤلف ووصف كتاب) وقد جعلته في أربعة مباحث:
المبحث الأول: تضمن إطلالة تاريخية على مدينة النجف الأشرف حيث وقفت عند أهميتها والمكانة العلمية لها قبل مجيء شيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي عام 448 ﻫ إليها، كما تعرضت إلى الحالة العلمية للنجف في عهد الشيخ الطوسي طيلة اثنتي عشرة سنة من (448 – 460) ﻫ فضلاً عن بيان حال مدرسة النجف بعد رحيله عام 460 ﻫ.
المبحث الثاني: تضمن استعراض سيرة موجزة لبعض أعلام مدرسة النجف الكلامية الحديثة، وكذا مؤلفاتهم الكلامية، مع عدم إغفال بيان نشاطهم الفكري، مركّزةًً على أربعة منهم وهم: الشيخ البلاغي (ت 1352 ﻫ) الذي تميّز بإتقانه اللغة الأﻨﮕليزية، وتفننه في عقائد غير المسلمين وهو ما يراه القارئ الكريم من خلال ثنايا كتابه (الرحلة المدرسية) الذي خصصه بأجزائه الثلاثة للرد على اليهود والنصارى. أما الشخصية الثانية من أعلام مدرسة النجف الكلامية الحديثة فهو الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء (ت 1373 ﻫ) الذي يكفي القارئ معرفة قدره العلمي حين يقرأ: أن هذا الشيخ قد أُضيف أسمه إلى أسماء رجال الدين في حياة أساتذته، وكان له عندهم احترام وتقدير لغزارة علمه وفضله. وثالث أعلام هذه المدرسة السيد عبد الحسين شرف الدين (ت 1377 ﻫ)، ذلك العالم الذي عُدّ في مقدمة علماء الإصلاح، وإمام دعاة التقريب بين المذاهب الإسلامية، وأخيراً المفكر الإسلامي الكبير السيد الشهيد محمد باقر الصدر (استشهد عام 1400 ﻫ) الذي حاول في قراءته لمسائل العقيدة أنْ يؤسس لعلم كلام معاصر يقدم مسائل العقيدة الإسلامية بصياغة جديدة، تتلاءم مع ما وصلت إليه الثقافة المعاصرة وانفتاح مدارك الإنسان العقلية ليعطي المسائل العقائدية بُعداً اجتماعياً لِما لهذه المسائل من أبعاد عقلية وعلمية.
المبحث الثالث: تضمن استعراض حياة صاحب هذه الدراسة وهو الشيخ محمد حسن المظفر الذي كان النموذج المتميز لمدرسة النجف الكلامية الحديثة من خلال كتابه (دلائل الصدق لنهج الحق) وجاء المبحث الرابع وصفاً له بأجزائه الست، إذ ناقش فيه معظم المسائل الكلامية مع الفضل بن روزبهان الذي بدوره ردّ على كتاب العلامة الحلي (نهج الحق وكشف الصدق) في كتابه (إبطال نهج الباطل وإهمال كشف العاطل).
وقد جاءت الرسالة في أربعة فصول درس الفصل الأول منها أصل التوحيد، الذي انضوت تحت لوائه مباحث النظر في معرفة الله تعالى مع بيان أبرز دليل على وجوده سبحانه وقد ذكره المظفر هو "دليل الحدوث"، ذلك الدليل الذي أجمع عليه كافة المسلمين مع اختلافٍ في مسائل هذا الدليل الجانبية. كما تضمن استعراض الصفات الإلهية بقسميها الثبوتية والسلبية وبتفصيل دقيق.
وكان الفصل الثاني يتضمن دراسة أصل العدل الإلهي بمباحثه المعروفة، فبحثتُ في معناه اللغوي والاصطلاحي، مع بيان ان فرق المسلمين لم تتفق على صياغة تعريف اصطلاحي موحد لمعنى العدل في حقه تعالى، فكل له صياغة معينة، تستند إلى أيديولوجيته المذهبية. كما تعرضت فيه إلى مبحث الحُسن والقبح هل أنهما عقليان أو شرعيان؟ وإلى تبيان حقيقة الهدى والإضلال منه تعالى الواردة في آيات كريمة،وهل أنه يريد الطاعات ويكره المعاصي ؟ وأنه سبحانه قادر على القبيح ولا يفعله، وان أفعاله سبحانه معللة بالأغراض والحكمة.
ومصداقاً لعدله سبحانه تجاه أفعال عباده الإرادية، استعرضت آراء الفرق الكلامية في الإرادة الإنسانية، مع عدم إغفال البعد السياسي لبعض الآراء في المسألة. وختمت الفصل بموضوع التكليف بما لا يطاق الذي قالت الإمامية والمعتزلة بقبحه، بخلاف الأشاعرة، وكذلك الآلام والأعواض.
أما الفصل الثالث فكان يبحث في: أصل النبوة بمباحثه المعروفة، فابتدأتُ بتوطئة تضمنت تعريف النبوة في اللغة والاصطلاح، بعدها كان المبحث الأول الذي تضمن إثبات نبوة محمد، أما المبحث الثاني خصصته لبيان أبرز صفات الأنبياء التي ذكرها المظفر, كالعصمة وتنزيههم عن دناءة الآباء وعُهر الأمهات.
أما الفصل الرابع فقد ضمت مباحثه أصل الإمامة بكل تفاصيلها، فقدمتُ له بتوطئة بتعريفها في اللغة والاصطلاح، ثم استعرضتُ في المبحث الأول: ضرورة وجود إمام بين المكلفين، وإلاّ لساختْ الأرض كما يقول الإمام الصادق ، أما في المبحث الثاني فتطرقتُ إلى طريق إثبات الإمامة – النص أو الاختيار – مع بيان كامل تفاصيل الآراء بهذا الشأن، مسنَدة بالأدلة العقلية والنقلية.
وإذا كان للإمام صفات معينة، فهذا ما تكفل به المبحث الثالث، الذي أشار إلى أهم صفتين عنده هما: العصمة والأفضلية على جميع رعيته. وختمتُ الفصل الرابع بمبحث رابع ببيان بعض فضائل الإمام أمير المؤمنين علي ، سواء ما كان منها قبل ولادته أو حين الولادة أو بعدها.
لقد كانت هذه الدراسة مستندة في توثيقها المنهجي على مصادر تاريخية وعقائدية وحديثية وفقهية وأصولية ولغوية، مع التأكيد على أن التوثيق من المصادر التاريخية والعقائدية إما ان يكون من كتاب صاحب الرأي المطروح أو من كتب فرقته التي ينتمي إليها، أو ممن هو مأمون في الحكاية عنهم.
ومصداقاً لقول الرسول الكريم محمد : ((من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق)) أتقدم بخالص شكري وعظيم امتناني لكل من ساهم في إظهار هذه الدراسة على ما هي الآن عليه، وجعلها بين أيدي أساتذة إجلاء انتظر تكريمهم بإبداء ملاحظاتهم العلمية الدقيقة، وأخص بالذكر منهم أستاذ الجيل والأب الكبير د. محمد حسين الصغير متّعه الله بثوب العافية، والأستاذ المساعد د. صباح عباس عنوز عميد كلية الفقه، والشكر الوافر الجزيل لأستاذي الكريم الذي كان لي أخاً عطوفاً ومرشداً فاضلاً، والذي أعطاني من وقته الكثير، وذلّل لي الصعاب من خلال توجيهاته القيّمة، ونصائحه السديدة، الأستاذ المساعد الدكتور رؤوف الشمري، الذي تفضل متكرماً بالإشراف على رسالتي هذه، وإلى جميع كادر الكلية المحترمين، أساتذة وموظفين.
ويبقى الشكر كل الشكر لمن أتعب نظره وتأمل في قراءة هذه الدراسة مدة شهر كامل: أساتذتي الأجلاء أعضاء اللجنة العلمية المناقشة، فلهم مني دعاءً بالموفقية والسداد في مسيرتهم العلمية.... أنه سميع مجيب.... والسلام عليكم.
الفهارس
المقدمة : .........1- 5
التمهيد : سيرة مؤلف ووصف كتاب.........6- 48
المبحث الأول : إطلالة تاريخية على مدينة النجف الأشرف .........7- 15
أولاً : أهمية النجف .........7
ثانياً : المكانة العلمية لمدينة النجف قبل مجيء الشيخ الطوسي.. 7
ثالثاً : الشيخ الطوسي قبل مجيئه إلى مدينة النجف الأشرف ....9
رابعاُ : النجف في عهد الشيخ الطوسي .........13
خامساً: مدرسة النجف بعد الشيخ الطوسي .........13
المبحث الثاني : بعض أعلام مدرسة النجف الكلامية الحديثة .........16- 28
أولاً : الشيخ البلاغي (1282 – 1352) ﻫ .........16- 19
مؤلفاته الكلامية.........17
النشاط الفكري للشيخ البلاغي ......... 19
ثانياً : الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء .........20- 23
- مكانته العلمية .........21
- مؤلفاته الكلامية والفلسفية .........22
- الجهد الكلامي لكاشف الغطاء .........23
ثالثاً : السيد شرف الدين (1290 – 1377) ﻫ .........23- 27
مؤلفاته في الاتجاه الكلامي .........24
دور السيد شرف الدين في تثبيت دعائم الوحدة الإسلامية25
رابعاً : السيد الشهيد محمد باقر الصدر (1353 - 1400) ﻫ .28- 33
النشأة الفكرية للشهيد الصدر .........28
مؤلفاته الكلامية والفلسفية .........28
البحث الفلسفي في مؤلفات السيد الصدر .........29
التجديد الكلامي عند الشهيد الصدر .........31
استشهاده .........33
المبحث الثالث : حياة الشيخ المظفر.........34- 41
أولاً : نشأته الاجتماعية .........34
نسبه وأسرته .........34
مولده وأقوال العلماء فيه .........35
والده .........36
والدته .........37
أخوته .........37
ثانياً : نشأته العلمية .........38
دراسته الأولية وتحصيله .........38
شيوخه .........38
تلامذته .........39
مؤلفاته .........39
شعره وشاعريته .........40
ثالثاً : وفاته .........41
المبحث الرابع : وصف كتاب دلائل الصدق .........42- 48
الفصل الأول : التوحيد.........49- 121
المبحث الأول : النظر في معرفته تعالى.........50- 56
توطئة .........50
أولاً : هل النظر يستلزم العلم أوَلاً ؟ .........50
ثانياً : النظر واجب عقلي أم سمعي ؟ .........52
المبحث الثاني : أدلة وجود الله (دليل الحدوث) .........57- 61
توطئة .........57
البقاء يصح على الأجسام بأسرها .........57
صحة بقاء الأعراض .........58
المبحث الثالث : الصفات الإلهية ......... 62 - 120
توطئة : .........62
العلاقة بين الصفات الإلهية والذات المقدسة .........62
أولاً : الصفات الثبوتية .........63
القِدم .........63
البقاء .........69
القدرة .........74
الكلام الإلهي .........78
في حقيقة الكلام .........78
هل كلامه متعدد ؟ .........81
كلامه تعالى محدث ......... 82
استلزام الأمر للإرادة والنهي للكراهة .........85
ان كلامه تعالى صدق .........86
ثانياً : الصفات السلبية .........89
مخالفته تعالى لغيره .........89
انه تعالى ليس بجسم .........90
أنه تعالى ليس في جهة .........95
رؤية الله تعالى .........97
توطئة .........97
إنه تعالى يستحيل ان يُرى .........97
شرائط الرؤية .........103
وجوب الرؤية عند حصول الشرائط .........105
في امتناع الإدراك مع فقد الشرائط .........107
الوجود ليس علة تامة في الرؤية .........109
تنزيهه تعالى عن الاتحاد .........111
تنزيه تعالى عن الحلول .........115
الفصل الثاني : العدل الإلهي.........121 - 147
توطئة .........122
العدل لغة واصطلاحاً .........122
المبحث الأول : الحُسْن والقبح عقليان أو شرعيان ؟ .........123 - 126
المبحث الثاني : حقيقة الهُدى والإضلال منه تعالى .........127 - 128
المبحث الثالث : الله تعالى يريد الطاعات ويكره المعاصي .........129 - 134
المبحث الرابع : الرضا بقضاء الله تعالى .........135 – 137
المبحث الخامس : أنه تعالى قادر على القبيح ولا يفعله .........138- 140
المبحث السادس : أنه تعالى يفعل لغرض وحكمة ولا يفعل شيئاً عبثاً .....141– 143
المبحث السابع : الإرادة الإنسانية .........144– 171
توطئة : .........144
إنّا فاعلون .........148
نظرية الكسب الاشعرية .........159
المتولد من الفعل من جملة أفعالنا .........162
الجواب عن شبه المجبرة .........164
القدرة متقدمة على الفعل .........167
القدرة صالحة للضدين .........170
المبحث الثامن : تكليف ما لا يُطاق .........172– 176
المبحث التاسع : الآلام والأعواض .........177- 179
الفصل الثالث : النبوة.........180- 215
توطئة .........181
النبوة لغة واصطلاحاً .........181
المبحث الأول : إثبات بنبوة نبينا محمد (ص).........182– 184
المبحث الثاني : أبرز صفات الأنبياء .........185- 215
توطئة : .........185
أولاً : العصمة .........185
العصمة لغةً ......... 185
العصمة اصطلاحاً .........186
نسبتهم السهو إلى النبي (ص) في الصلاة ......... 197
نسبتهم كثيراً من النقص إلى النبي (ص) .........200
لزوم المحالات من إنكار عصمة الأنبياء (ع) .........210
ثانياً : ان يكون الأنبياء منزهين عن دناءة الآباء وعهر الأمهات .212
الفصل الرابع : الإمامة.........216- 243
توطئة : الإمامة في اللغة والاصطلاح .........217
المبحث الأول : وجوب الإمامة (ضرورة وجود الإمام) .........218- 222
المبحث الثاني : طريق إثبات الإمامة .........223- 256
تعيين إمامة علي (ع).........225
أولا : الأدلة العقلية .........225
ثانياً : الأدلة النقلية .........231
القرآن الكريم .........231
الآية الأولى : آية الولاية .........231
الآية الثانية : آية التبليغ .........236
الآية الثالثة : اية التطهير .........242
الأحاديث الشريفة .........247
أولاً- حديث المنزلة .........247
ثانياً- حديث المؤاخاة .........250
ثالثاً- حديث الثقلين .........253
المبحث الثالث : صفات الإمام .........257- 265
توطئة : .........257
أولاً : العصمة .........260
ثانياً : الإمام أفضل من رعيته .........263
المبحث الرابع : في بعض فضائل الإمام علي (ع) .........266– 302
توطئة : .........266
أولا : فضائله (ع) قبل الولادة .........266
ثانيا : فضائله (ع)حال الولادة .........269
ثالثا : فضائله (ع) بعد الولادة .........271
القسم الأول : النفسانية .........271
إيمان أمير المؤمنين (ع) .........272
استناد العلوم إليه (ع) .........274
القسم الثاني : الفضائل البدنية .........283
عبادته .........283
جهاده في الحرب .........285
القسم الثالث : فضائله (ع)الخارجية .........291
في زوجته وأولاده (ع) .........291
محبته (ع) .........300
نتائج البحث .........303- 307
المصادر والمراجع .........308- 328
ملخص باللغة الانكليزية.........A - B