مكتبة الروضة الحيدرية
سلسلة صحافة النجف الاشرف : 2
صاحب الامتياز ورئيس التحرير محمدعلي البلاغي
تاريخ الصدور (1933-1948) بواقع (60 عدد)
تم اعادة تأهيلها وطباعتها بحلتها الجديدة بواقع ( 6 مجلدات )
مقدمة المكتبة
لعبت الصحافة في بداية النهضة الفكرية في البلدان الإسلامية دوراً مهمّاً في بثّ الوعي ونشر الثقافة، ولم تكن مدينة النجف الأشرف ـ السبّاقة في ميادين العلم والمعرفة ـ بمعزل عن هذا المولود الجديد، حيث ظهرت فيها عشرات الصحف والمجلات الثقافية والأدبية والاجتماعية والسياسية، وكانت سمتها الغالبة مواكبة الأحداث العالمية أدباً وسياسةً وثقافةً، فصحافة النجف الأشرف كانت مرآة صافية للنشاط الفكري والثقافي والاجتماعي الذي دار في مختلف أنديتها آنذاك.
وقد بلورت الهموم والآمال التي كان يحملها علماء وأدباء وساسة النجف تجاه الأمة الإسلامية، وتجاه مشاكلها المختلفة: من حلّ شبهة عقائدية، أو إعطاء رؤية سياسية، أو إبداء عواطف جيّاشة نصرة للمسلمين، أو إبداع آراء فكرية، وغيرها من الأمور التي تدلّ على ريادة النجف الأشرف في مختلف الميادين.
ومن أراد الاطلاع على دور النجف الأشرف في النهضة الفكرية الإسلامية المعاصرة لا يتمكن من الإلمام بذلك إلّا عبر الاستعانة بتلك الصحف والمجلات المنشورة آنذاك، وتصفّح أوراقها لاقتطاف ثمارها.
ومن هذا المنطلق، وإحياءً لهذا التراث القيّم الزاخر بالمعلومات المهمّة الكثيرة، وحفاظاً عليه من الضياع ـ إذ أصبح الكثير منها مفقوداً، وقلّما تجد مكتبة في النجف وغيرها تحتوي على كافة الأعداد المنشورة ـ قمنا في مكتبة الروضة الحيدرية بمشروع أرشفة هذه المجلات والصحف الكترونياً، ثم إعادة طباعتها ونشرها من جديد تحت عنوان (سلسلة صحافة النجف الأشرف).
فكان الابتداء بمجلة العلم للعلامة السيد هبة الدين الشهرستاني، نظراً لأهميتها وريادتها على سائر الصحف والمجلات النجفية، سيما وانّ مؤسسها كان رجل العلم والمعرفة والأدب والسياسة، ثمّ شرعنا بمجلة الاعتدال للمرحوم محمد علي البلاغي (ت1396هـ)، والتي استمرّت لست سنوات، وأثارت نشاطاً ثقافياً في الأوساط العلميـة بأبحاثها المتنوعـة في مختلف حقـول المعرفة (الإسلامية والإنسانية).
محمد علي البلاغي في سطور
● محمد علي ابن الشيخ حسن البلاغي.
● ولد في النجف عام 1903.
● درس على عدة من شيوخ جامعة النجف الأشرف مبادئ النحو وآداب العربية وأفاد من ملازمة عمه المرحوم الحجة الشيخ محمد جواد البلاغي علماً ومعرفة.
وفي أيلول عام 1932 شارك مع نخبة من اخوانه أدباء النجف بتأسيس جمعية الرابطة الأدبية، وفي شباط عام 1933 أصدر مجلة الاعتدال وقد صدر منها (6)مجلدات، وكان عضواً مؤسساً لجمعية مدارس الغري الأهلية في النجف، وكان له اتصال وثيق بالحزب الوطني وبزعيمه المرحوم جعفر أبو التمن وقد تمّ له فتح فرع للحزب المذكور في النجف.
قرض الشعر وكتب في عدة مجلات، وعرف بوطنيته وحبّه للخير ووفائه، وقد اختير عضواً في عدة مؤسسات اجتماعية فهو عضو أقدم في مجلس بلدية النجف، وعضو شرف في غرفة تجارة النجف ثم رئيساً لها، وعضو مجلس الشعب في النجف. وعضو اللجنة المحلية لمحو الأمية، بالإضافة إلى عضويته في مؤسسات اجتماعية وثقافية أخرى. وكان له في كل مؤسسة نشاط فعال وأثر بيّن.
وفي عام 1938 عيّن في أول وظيفة له مديراً لمشروع الماء والكهرباء في النجف الأشرف ثم نقل لإدارة المشروع المذكور في الناصرية ابان ثورة رشيد عالي الكيلاني حيث تمّ فصله بعدها نتيجة لمواقفه الوطنية.
وعيّن مديراً لمصرف الرافدين في النجف عام 1949 ثم شغل إدارة مديرية المصرف التجاري في السماوة عام 1959 بعدها نقل إلى النجف مديراً للمصرف ذاته ثم مديراً لمصرف الرافدين حتى آخر حياته.
وقد وافاه الأجل المحتوم، مساء يوم الخميس 21 / محرم الحرام 1396 الموافق 22/1/1976، ودفن في الصحن الحيدري الشريف في الحجرة رقم (7).
مجلة الاعتدال في سطور
أما مجلة الاعتدال فقد شارك في كتابة أبحاثها عراقيون وغير عراقيين، مما أدّى إلى تنوّع أبحاثها وغنائها الفكري، ويتلخّص الهدف من انتشارها على ما جاء بقلم رئيس تحريرها في العدد الأول من السنة الأولى فيما يلي:
1 ـ مجاراة النهضات الأدبية. 2 ـ الإصلاح وتنوير الأفكار على أساس العلم والأخلاق والمبادئ الصحيحة. 3 ـ خلوّ مدينة النجف الأشرف من منبر ثقافي ينشر الأفكار الصائبة.
وقد التزمت المجلة بهذه الأهداف وخطت على خطاها وأخذت موقعها «وأصبحت من المجلات المرموقة، إذ ساهم فيها أعلام العراق وكتّابه وشيوخه وشبابه، ورجال الفكر وأقطابه، فانتشرت في العراق، وفي الأقطار العربية الأخرى، وعنى بها المستشرقون، وطلبت إلينا وزارة المعارف العراقية أن نرسلها إلى جميع المدارس العالية والثانويات والمتوسطات والمكتبات العامة على حسابها» هكذا وصفها البلاغي في افتتاحية السنة السادسة بعدما توقفت عن الانتشار ما يقارب الخمس سنوات بسبب الحرب العالمية وما أعقبها من دمار وأزمات كثيرة، وهذا الانقطاع عدا الانقطاع الذي كان يحصل فيها في سنواتها الخمس الماضية وبأسباب مختلفة.
ويصفها أيضاً الإمام محمد الحسين كاشف الغطاء بعدما صمّم البلاغي إعادة طبعها، بقوله: «بلغني انّك قد صممت العزم على أن تعود إلى إصدار مجلتك التي غابت عن الأبصار أكثر من غيبة الأقمار ليالي السرار، وكنت أنا وكثير ممن يقدّر لها قدرها، ويعرف من الأدب مكانتها، آسفاً لهذه الغيبة ومرتقباً لها حسن الأوبة، وما أجمل الأسماء إذا طابقت مسمياتها وما أفضل المسميات إذا جاءت وفقاً لأسمائها..».
ولنعم ما وصفها المرحوم السيد مصطفى جمال الدين في ذكرى الأربعينية للمرحوم البلاغي حيث قال([1]):
«كانت (الاعتدال) حافزاً لصدور مجلات أخرى في هذه المدينة كانت لها شوطها البعيد في خدمة قضايا الفكر والأدب كالراعي والهاتف، والحضارة، والغري، والبيان، والدليل، والعقيدة، والشعاع وأمثالها من صحف لا يتناسب عددها وحجم هذه المدينة.
صحيح انّ الاعتدال لم تكن أولى المجلات النجفية، فقد عرفت هذه المدينة الصحافة في وقت مبكر إذ صدرت فيها ثلاث جرائد فارسية بعيد الانقلاب العثماني أي في سنة 1909 ومجلة عربية هي مجلة (العلم) للشهرستاني في سنة 1910 ثم صدرت جريدتان سياسيتان هما (الفرات) للشيخ باقر الشبيبي و(الاستقلال) لمحمد عبدالحسين كانتا لسان ثورة العشرين. بعد ذلك أصدر المرحوم يوسف رجيب جريدة أدبية في سنة 1925 سماها (النجف) استمرت سنتين والشيخ عبدالمولى الطريحي مجلة أدبية باسم (الحيرة) سنة 1927 صدر منها ثلاثة أعداد وأصدر الأستاذ جعفر الخليلي جريدة الفجر الصادق، سنة 1930 واستمرت سنة واحدة.
ولكن ميزة الاعتدال انّ طموح صاحبها، وقربه من روح العصر، وصلته بالأدباء والمفكرين، ومتابعته للعمل الصحفي الجاد جعلته يتجنب الكثير من فجوات من سبقوه، فحققت مجلته باستمراريتها، وبتنوع ما ينشر فيها الكثير من طموح هذه المدينة، ولاتزال مجلداتها الستة مصدر الوارد وزاد المقل، وغنى الأديب، بما استطاعت أن تيسره للباحثين وطلاب المعرفة من دراسات في العلم والأدب، واللغة، والتاريخ ـ وحققت على قصر شوطها ـ ما كان يرجوه لها أصدقاؤها من سفارةٍ أدبية بين أقطارنا المتباعدة فكانت صفحاتها، بحقٍ، ذلك الجسر الذي قرب بعد الأقلام، والحب الذي بدد غربة الأفكار، ويكفي أن تتصفح بعض مجلداتها لتجد بين كتابها العراقيين أنصع وجوه الوطن العربي من أمثال: المازني، وسيد قطب، وبدوي الجيل، وزكي مبارك، والصيرفي، وأنور العطار، والياس أبو شبكة ومهدي علام، وأنيس فريحه، وبدوي طبانة، وأمثال هؤلاء.
وميزة أخرى لعلها أهم الدوافع التي أنشئت من أجلها الاعتدال، وهي انّها ذكرت على أن تصل ماضي النجف بحاضرها، فلا تكاد تخلو أعدادها من ترجمة لشاعر نجفي، أو شاعر عربي كانت النجف مصدر ثقافته، واختارت لذلك ألمع الكتاب والدارسين أمثال الشيخ رضا الشبيبي، ومحمد مهدي البصير، ومصطفى جواد، وحميد الدجيلي، ويعقوب سركيس، وغيرهم، بل انّ الشيخ رضا الشبيبي اقترح في أحد أعدادها (العدد الرابع من السنة 6) وضع جائزةٍ بمائة دينار لأحسن كتاب أو بحث يصدر عن (الأدب في عصر الطباطبائي) وأظن أنّ كثيراً من المؤلفات التي صدرت بعد ذلك للدكتور البصير أو للشيخ اليعقوبي، أو للخاقاني أو لغيرهم كانت نواتها تلك البحوث التي نشرت في الاعتدال.
وميزة ثالثة لا تقل شأناً عن مثيلاتها انّ الاعتدال وجهت كثيراً من أدباء هذا البلد إلى خير ما يحسنون، ذلك اننا كنا نعرف جيلاً من أدباء النجف لم يظهروا في أوساطه بغير الشعر، فحفلات الأعراس، والمناسبات الدينية والوطنية، وتأبين الزعماء من رجال الدين وأمثالها من مظاهر النشاط الأدبي كان الشعر أروج ما فيها من بضاعة، لذلك لم نسمع لهم غير الرائع من قصائدهم. ولكن صدور الاعتدال ومتابعة صاحبها لهؤلاء الأدباء وتكليفهم أحياناً ببعض ما يرى الكتابة فيه ضرورةً ملحة، خلق منهم ـ من حيث لا يقدرون ـ كتاباً ودارسين من طراز يقل نظيره، فيرى المتصفح لهذه المجلة طبقةً من الكتاب والدارسين كانوا إلى وقت قريب لا يعدون إلا في الطبقات الأولى من شعراء النجف، أمثال الشيخ عبدالحسين الحلي في دراساته عن الشعوبية وعن الشريف الرضي، وعلي الشرقي في بحوثه عن واسط، والبصرة وفي الواحة القومية والتاريخية، وعبدالرزاق محي الدين في جملة دراسات عن المتنبي وطرفة بن العبد، والنثر الجاهلي وبصائر أبي حيان، وصالح الجعفري في جملة فصول مترجمة من علم النفس وأمثال ذلك.
وإذا أردنا أن نحصي ما اختصت به مجلة الاعتدال من ميزات، وما حققته من طموحات لطال بنا الحديث أكثر مما طال، ولكن يكفي أن نشير إلى أن صاحب الاعتدال، بالرغم من تأكيده على أن يبعث في الأديب النجفي حب الدراسة والبحث العلمي، فإنّه لم ينس مسيرة هذا الأديب الأولى في خلقه الفني وشاعريته الفريدة، لذلك خص نتاجه الشعري ـ كما يقول في إحدى افتتاحياته ـ بخمسة عشر صفحة من كل عدد أي بما يساوي ربع المجلة، بل تجاوز ذلك فصمم ـ كما يقول في مفتتح السنة الثالثة ـ على أن يصدر عن الاعتدال مجلة أخرى باسم (الشعر) تعنى بالشعر العراقي قديمه وحديثه، وما يتعلق به نقد وتقريض، وأن يكون صدورها في السنة أربع مرات، كل ذلك من أجل أن تساعد على صقل الذوق الشعري، والرقي بلغته وأساليبه. وإذا لم يستطع البلاغي أن يحقق طموحه هذا، فيكفيه أنه حقق الكثير من ذلك في اعتداله».
وهكذا استمر نشر مجلة الاعتدال إلى أن ألغي امتيازها بتاريخ 1949م من قبل وزارة الداخلية مديرية الدعاية العامة. ونحن بدورنا قمنا بإعادة طباعة سنواتها الست تعميماً للفائدة.
منهجية العمل:
1 ـ جمع وتهيئة أعداد المجلة، شراءً واستعارةً.
2 ـ تصوير المجلات الكترونياً.
3 ـ القيام بعملية تنظيف الصور عبر الفوتوشوب.
4 ـ ترك الأخطاء الموجودة في أصل المجلة على حالها.
5 ـ إضافة ترقيم جديد لكل سنة في نهاية الصفحة لتلافي الأخطاء الحاصلة في ترقيم المجلة في الأصل.
6 ـ أوردنا في بداية السنة الأولى الكشاف الذي رتّبه الأستاذ جياد عباس لموضوعات ومؤلفي مجلة الاعتدال والذي نشر في مجلة المورد المجلد العاشر العدد الثاني عام 1981م.
شكر وتقدير:
إنّ من المستحيل أن تنجز الأعمال والمشاريع الكبيرة بجهود فردية، بل لابدّ من التعاون والتكاتف لإنجازها، ونحن بدورنا نشكر ونقدّر جميع الجهود التي بذلت لإنجاز هذا المشروع، وهم كلّ من:
1 ـ الأمانة العامة للعتبة العلوية المقدسة وأعضاء مجلس الإدارة. لمساعدتهم في إنجاز هذا المشروع الكبير.
2 ـ المكتبات العامة والخاصة في النجف الأشرف وهم كلّ من: مكتبة الإمام الحسين (ع) للشيخ شاكر القرشي، مكتبة الإمام أميرالمؤمنين (ع) العامة للشيخ الأميني (ره)، مكتبة الحكيم العامة، مكتبة ومؤسسة كاشف الغطاء للدكتور عباس كاشف الغطاء، مكتبة العلامة الشهيد السيد حسن القبانجي (ره)، مكتبة العلامة الخطيب الدكتور الشيخ أحمد الوائلي (ره)، مكتبة السيد باقر شبر والدكتور كامل سلمان الجبوري، والدكتور عمار نصار. حيث استعنّا بهم في تهيئة أعداد المجلة، وتكميل النواقص الموجودة فيها، فجزاهم الله خير جزاء المحسنين.
3 ـ الكادر العامل في المكتبة حيث قاموا بعملية التصوير والتنظيف والإعداد الكامل، وهم كل من: السيد هاشم محمد نجف، السيد هاشم آل بحر، نذير هندي فيروز الكوفي، نصير شكر، علي لفته كريم، مهند الخفاجي.
4 ـ الأستاذ جياد عباس حيث أوردنا الكشاف الذي رتّبه لمجلة الاعتدال.
---------------------------------------
([1]) مجلة الرابطة / السنة الثالثة، العدد الأول.