مكتبة الروضة الحيدرية
سلسلة صحافة النجف الأشرف : 3
صاحب الامتياز : موسى الاسدي
رئيس التحرير : عبدالهادي الاسدي
تاريخ الصدور (1946-1948)
تم اعادة تأهيلها وطباعتها بحلتها الجديدة بواقع ( 2 مجلد )
مقدمة مكتبة الروضة الحيدرية
لعبت الصحافة في بداية النهضة الفكرية في البلدان الإسلامية دوراً مهمّاً في بثّ الوعي ونشر الثقافة، ولم تكن مدينة النجف الأشرف ـ السبّاقة في ميادين العلم والمعرفة ـ بمعزل عن هذا المولود الجديد، حيث ظهرت فيها عشرات الصحف والمجلات الثقافية والأدبية والاجتماعية والسياسية، وكانت سمتها الغالبة مواكبة الأحداث العالمية أدباً وسياسةً وثقافةً، فصحافة النجف الأشرف كانت مرآة صافية للنشاط الفكري والثقافي والاجتماعي الذي دار في مختلف أنديتها آنذاك.
وقد بلورت الهموم والآمال التي كان يحملها علماء وأدباء وساسة النجف تجاه الأمة الإسلامية، وتجاه مشاكلها المختلفة: من حلّ شبهة عقائدية، أو إعطاء رؤية سياسية، أو إبداء عواطف جيّاشة نصرة للمسلمين، أو إبداع آراء فكرية، وغيرها من الأمور التي تدلّ على ريادة النجف الأشرف في مختلف الميادين.
ومن أراد الاطلاع على دور النجف الأشرف في النهضة الفكرية الإسلامية المعاصرة لا يتمكن من الإلمام بذلك إلّا عبر الاستعانة بتلك الصحف والمجلات المنشورة آنذاك، وتصفّح أوراقها لاقتطاف ثمارها، سيما ونحن على أبواب عام 2012م حيث تكون النجف العاصمة الثقافية للعالم الإسلامي، ممّا يدعونا إلى الاهتمام بتراث علمائنا وأدبائنا وإحيائه من جديد.
ومن هذا المنطلق، وإحياءً لهذا التراث القيّم الزاخر بالمعلومات المهمّة الكثيرة، وحفاظاً عليه من الضياع ـ إذ أصبح الكثير منها مفقوداً، وقلّما تجد مكتبة في النجف وغيرها تحتوي على كافة الأعداد المنشورة ـ قمنا في مكتبة الروضة الحيدرية بمشروع أرشفة هذه المجلات والصحف الكترونياً، ثم إعادة طباعتها ونشرها من جديد تحت عنوان (سلسلة صحافة النجف الأشرف).
فكان الابتداء بمجلة العلم للعلامة السيد هبة الدين الشهرستاني، نظراً لأهميتها وريادتها على سائر الصحف والمجلات النجفية، سيما وانّ مؤسسها كان رجل العلم والمعرفة والأدب والسياسة.
ثمّ شرعنا بمجلة الاعتدال للمرحوم محمد علي البلاغي (ت1396هـ)، والتي استمرّت لست سنوات، وأثارت نشاطاً ثقافياً في الأوساط العلميـة بأبحاثها المتنوعـة في مختلف حقـول المعرفة (الإسلامية والإنسانية).
ومن بعدها بدأنا بمجلة الدليل لصاحب امتيازها موسى الأسدي، ورئيس تحريرها الشيخ عبدالهادي الأسدي رحمهما الله، وهي مجلة شهرية علمية أدبية اجتماعية جامعة، أخذت على عاتقها تحقيق الأهداف التالية:
1 ـ الإصلاح الاجتماعي على ضوء التعاليم الإسلامية المقدسة.
2 ـ خدمة الثقافة العربية بجميع ألوانها وصورها.
3 ـ توجيه الشباب إلى ما فيه خير البلاد.
4 ـ العناية بسائر الفنون الرفيعة والآداب.
مستعينة للوصول إلى هذه الأهداف بأقلام «السادة من الكتّاب المجاهدين الذين يهمهم من أمر مجتمعهم هذا النقص الشائن، فيسعون بأقلامهم إلى إصلاحه وتكميله».
ولذا سعى صاحب امتيازها ورئيس تحريرها بكلّ جدّ لتحقيق هذه الأهداف، فطبع عددها الأول في تشرين الأول عام 1946م، وانتهت في سنتها الثانية بعددها العاشر الصادر في تموز عام 1948م.
شكر وتقدير:
إنّ من المستحيل أن تنجز الأعمال والمشاريع الكبيرة بجهود فردية، بل لابدّ من التعاون والتكاتف لإنجازها، ونحن بدورنا نشكر ونقدّر جميع الجهود التي بذلت لإنجاز هذا المشروع، وهم كلّ من:
1 ـ الأمانة العامة للعتبة العلوية المقدسة والسادة أعضاء مجلس الإدارة.
2 ـ المكتبات العامة والخاصة في النجف الأشرف.
3 ـ الكادر العامل في المكتبة حيث قاموا بعملية التصوير والتنظيف والإعداد الكامل والارشفة لها، وهم كل من: علي لفته كريم، علي كاظم حمد، نصير شكر، مهند محمد حسين.
4 ـ الأستاذ الفاضل الدكتور كامل سلمان الجبوري حيث تفضّل بكتابة مقدمة لهذه المجلة.
مقدمة الاستاذ الدكتور كامل سلمان الجبوري
مجلة الدليل النجفية
ورئيس تحريرها الشيخ عبد الهادي الأسدي (1)
ـ مجلة شهرية، علمية، أدبية، إجتماعية، جامعة.
ـ صاحب امتيازها: موسى الأسدي.
ـ رئيس تحريرها: عبد الهادي الأسدي.
ـ مديرها المسؤول: المحامي محمدرضا السيد سلمان.
ـ مسجلة بدائرة البريد برقم 218.
ـ صدرت سنتين، وقد صدر العدد الأول من السنة الأولى في ذي القعدة 1365هـ/ تشرين الأول 1946م.
وقد أرّخ صدروها العلامة الشيخ علي البازي قائلاً:
للعــــــــــــلم وافانا دليــــــــلك هادياً وأمامــــــــــــــــه روّاده ووراءه
من ظل عن سنن الطريق على ضماً أرخ (يبلّغـــــــــه الـــــــدليل رواءه)
1365 هـ
وختمت السنة الأولى بالعدد العاشر في شعبان 1366 هـ / تموز 1947م. وكان العدد المزدوج 3-4 في محرم – صفر 1366 هـ/ كانون الثاني 1947 عدداً خاصاً صدر بمناسبة وفاة الإمام السيد أبي الحسن الموسوي الأصفهاني، وكان موشحاً بالسواد.
وقد طبعت أعداد السنة الأولى بمطبعة الغري في النجف، ومعدل عدد صفحات العدد الواحد 56 صفحة، عدا العدد المزدوج فكان في 96 صفحة.
أما السنة الثانية فقد صدر العدد الأول منها في ذي القعدة 1366 هـ / أيلول 1947، وختمت بالعدد العاشر في رمضان 1367 هـ / تموز 1948م. وبه توقفت عن الصدور بإرادة صاحبها، لأسباب أشار إليها في مقدمة هذا العدد، كان على رأسها الظروف المالية الصعبة التي تمر بها المجلة.
وبعدها أُلغي الإمتياز حسب المرسوم السابق الذي صدر.
وقد طبعت أعداد السنة الثانية بمطبعة الزهراء في النجف.
وكانت تتراوح عدد صفحات أعدادها بين 56 – 60 صفحة.
وقياسها 17 × 24 سم.
وكانت من المجلات الهادفة التي رسمت لنفسها خطّة إصلاحية وسارت وفقها، وقد لخصت هذه الأهداف بأربعة نقاط حدّدتها في افتتاحية عددها الأول وهي:
1- الإصلاح الإجتماعي على ضوء التعاليم الإسلامية المقدسة.
2- خدمة الثقافة العربية بجميع ألوانها وصورها.
3- توجيه الشباب إلى ما فيه خير البلاد.
4- أن يشجع الشباب على الكتابة والنزول إلى هذا الميدان.
5- أن يشجع التأليف والمؤلفين في العراق.
6- أن يوثق الصلة بين القارئ والكاتب.
ومن الملاحظ ان هذه الأهداف والخطّة إلى تجسيدها على أرض الواقع قد سارت عليها المجلة من خلال اختصاصيات أعدادها ومقالات المساهمين فيها.
وقد أولت المجلة اهتمامها الأول ببحوث ومقالات ذات خصوصية واضحة في القومية العربية والوطنية، ودراسات في القرآن وعلومه، واللغة العربية وألفاظها، وتأريخ الأدب العربي والإجتماع، والتأريخ العربي، وتأريخ العراق وجغرافيته، ودراسات عن شعراء العراق وأدبائه، وسيرة آل البيت : وسياستهم، إضافة إلى تأريخ الأقوام والحكومات السالفة، وعلم الكلام والفلسفة، والرد على بعض الأفكار والطروحات.
وللعلوم الحديثة حصة كبيرة في المجلة فيما يخص الاختراعات والاكتشافات وتطور الصناعات.
وللقصة حظ وافر فيها، وللقانون والطب والعلوم البحتة أيضاً.
كما عرّفت المجلة بعدد كبير من الإصدارات من مجلات وصحف وغيرها بغية إعلام الطبقات المثقفة بمواكبة حركة الأدب والثقافة.
وقد حفلت أعداد المجلة بسنينها الأولى ببحوث ومقالات لأعلام الفكر والأدب العرب والعراقيين يومذاك أمثال: د. مصطفى جواد، الشيخ محمد رضا الشبيبي، السيد محمد تقي الحكيم، الشيخ محمد رضا المظفر، أحمد سوسة، الشيخ سليمان الظاهر، الاستاذ سلمان الصفواني، السيد محمد جمال الهاشمي، عزالدين آل ياسين، محمد علي كمال الدين، عبد الرزاق الحسني، كوركيس عواد، فؤاد طرزي، عزرا ترزي، حسن الأمين، يوسف يعقوب مسكوني، عبد المجيد لطيف.
ونشرت على صفحاتها قصائد ومقطوعات شعرية لأعلام الشعر يومذاك، أمثال: الشيخ عبد المهدي مطر، والشيخ عبد المنعم الفرطوسي، والسيد محمود الحبوبي، والشيخ علي الصغير، وطالب الحيدري، ومحمد جواد الغبان، وأحمد الدجيلي، وصالح قفطان، وعبد الكريم كمال الدين، وغيرهم.
أما السنة الثانية فكان التطور واضحاً حيث برزت على صفحاتها بحوث لأعلام آخرين، أمثال:
د. عبد الرزاق محي الدين، شاكر خصباك، جعفر نقدي، عبد الحميد الدجيلي، فؤاد الونداوي، فيكتور فيليب حناوي، يوسف يعقوب حداد، كارينك جورج، بطرس بيو، وغيرهم، مع ترجمات لأهم النصوص الأجنبية، إضافة إلى عدد من الأديبات مثل: نجلاء عبد الحميد.
وفي ميدان الشعر نشرت لشعراء أعلام أمثال:
الحاج عبد الحسين الأزري، رشيد مجيد، عبد الحسين الراضي، عبد القادر رشيد الناصري، كاظم مكي حسن، محمد حسين الصافي، محمد جواد الدجيلي، وغيرهم. وقد لاقت المجلة قبولاً ورواجاً في الأوساط العلمية والأدبية في العراق والبلدان المجاورة فضلاً عن النجف الأشرف.
الشيخ عبد الهادي الأسدي
الشيخ هادي بن الشيخ عباس بن الشيخ محمد موسى بن الشيخ محمد مهدي بن الشيخ أسد الله الكاظمي. والشيخ أسد الله صاحب «مقابيس الأنوار ونفائس الأبرار في أحكام النبي المختار وعترته».
خطيب، أديب، كاتب، صحفي.
ولد في محلة البراق في النجف الأشرف سنة 1336 هـ / 1917م، وتربى في حجر والده، وعنه أخذ مكارم الأخلاق، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة في كتاتيب النجف.
ثم التحق بالمدارس الحديثة حتى أكمل الدراسة المتوسطة فيها، بعد ذلك توجه لطلب العلم في الحوزة العلمية في النجف، فدرس النحو والصرف والفقه والأصول على يد أساتذتها.
كان من الهيئة التدريسية في مدرسة جمعية منتدى النشر الابتدائية، ثم مديراً لها.
وبنفس الوقت ارتقى المنبر الحسيني خطيباً وواعظاً وخادماً لأهل البيت:، في عدد من المدن العراقيةخصوصاً في شهر محرم الحرام.
وفي سنة 1365 هـ / 1946 م أصدر مجلة (الدليل) النجفية، وكان أخوه الأكبر الحاج موسى الأسدي صاحب امتيازها، وتولى هو رئاسة التحرير، وكتب افتتاحياتها، وبعد سنتين تعطلت المجلة وتوقفت عن الصدور، أي عام 1367 هـ / 1948 م.
وفي سنة 1955 م أنشأ (مطبعة النجف) بعد أن انصرف عن الخطابة لظروف قاهرة، واستطاع بهمته العالية ونشاطه المثمر طبع الكثير من الكتب الفقهية والعلمية الكبرى، مثل: الاستبصار، ومن لايحضره الفقيه، ومستمسك العروة الوثقى، وغيرها. وقد اضطر إلى بيعها بعد حدوث انقلاب عام 1968 في العراق.
قام بتحقيق كتاب (كشف الغمة) وطبعه في ثلاثة أجزاء.
لازم طيلة سنواته الأخيرة سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله الوارف) منذ تصدّيه لمنصب المرجعية، يجلس إلى جانبه في مجلسه العام، وظل فيه حتى وفاته.
عرف بالورع، والتقى، والأمانة، والزهد، وإباء النفس، والعصامية، وكان ممدوح السيرة، محباً للناس، وفيّاً مع الإخوان والأصدقاء، ساعياً في قضاء الحوائج، معيناً للآخرين.
كان ينتقد الظواهر السلبية في المجتمع، وربما يأخذ انتقاده هذا إسلوباً فنياً، فينظم أبياتاً من الشعر في ذلك إلاّ أنه لم يعتن بتدوينه.
توفي في 21 شوال سنة 1424 هـ بمرض سرطان الرئة، وشيعت جنازته من مسجد الطوسي في النجف إلى مثواه الأخير في مقبرة وادي السلام في بقعة أعدّها لنفسه.
وممن رثاه وأرّخ عام وفاته العلامة السيد عبد الستار الحسني بقوله:
غال الردى ورعاً من الأوتادِ |
|
جمّ الفضائل راسخ الأمجادِ |
وللسيد الحسني ـ أيضاً ـ يعزي الإمام السيستاني بفقده:
أودى جليسك ذو الفضيلة هادي |
|
صنو العلا من طارف وتلادِ |
صاحب المقابيس المحقق الشيخ أسدالله الكاظمي وأُسرته وأولاده ص93 – 96، ماضي النجف وحاضرها 1/ 182، معجم المطبوعات النجفية 40/ 169، ومضان الشباب 62، معجم رجال الفكر والأدب 1/ 53، معجم الأدباء للجبوري 4/ 158.
كامل سلمان الجبوري
12/ 1/ 2010 م
----------------------------------------
1- أنظر:- تاريخ الصحافة النجفية: عبدالرحيم محمدعلي، مجلة البلاغ الكاظمية لسنة 1971–1972م.
مجلة آفاق نجفية ع5/ 2007م/ 1428 هـ ، ص7.
الصحافة النجفية 1939 – 1958: د. محمد عبدالهادي النويني، رسالة دكتوراة لم تنشر.
(كلية الآداب – جامعة الكوفة) ص 76 – 79.